(قلت) الفرق بين المطلق وما نحن فيه: هو ان المطلق يشمل ما تحته من الجزئيات في عرض واحد. والحكم إنما يتعلق به بلحاظ الخارج فظهور القضية استقر في الحكم على كل ما يدخل تحت المطلق بدلا أو على سبيل الاستغراق، على اختلاف المقامات، فإذا خرج بالتقييد المنفصل شئ، بقى الباقي بنفس ذلك الظهور الذي استقر فيه أولا. وهذا بخلاف ما نحن فيه، فان الزمان في حد ذاته امر واحد مستمر، ليس جامعا لافراد كثيرة متباينة، إلا أن يقطع بالملاحظة، ويجعل كل من قطعاته ملحوظا في القضية، كما في قولنا: أكرم العلماء في كل زمان. وأما إذا لم يلاحظ على هذا النحو، كما في قولنا أكرم العلماء، ومقتضى الاطلاق: أن هذه الحكم غير مقيد بزمان خاص فلازمه الاستمرار من أول وجود الفرد إلى آخره، (112) فإذا انقطع الاستمرار بخروج فرد في يوم
____________________
(112) لا يخفى أن الاطلاق وإن كان ملازما للاستمرار، لكنه بحقيقة الاستمرار لا بمفهومه، بمعنى أن عدم تقييد الطبيعة - الموضوعة للحكم بشئ من الآنات - يقتضي عدم دخل شئ من افراد الآنات في الحكم المذكور. ولازم ذلك تحقق الحكم في الجميع، لظهور الاسناد في كون موضوع الحكم نفس الطبيعة، وهي محققة في كل حال. ولا دخل لغيرها في الحكم. وكذلك لو استفدنا ذلك من مقدمات الحكمة، ولا يحتاج ذلك المعنى إلى لحاظ الأزمنة مفردا، بل يكفيه عدم لحاظ الزمان مع الموضوع، ولازمه الحكم بعدم دخل شئ من الآنات المشكوكة، سواء علم بدخل بعض الحالات وشك في بعض آخر أو لم يعلم ذلك أصلا، وتكون الآنات المتكثرة من هذه الجهة نظير الحالات المتكثرة، فكما أن الحالات لا تحتاج في أخذ