في المثال مشكوكا حتى يستصحب. والذي هو مشكوك لم يكن له اثر شرعي كما هو المفروض.
وكيف كان دليلنا - على اعتبار بقاء الموضوع على النحو الذي قلنا - ان الملاك في شمول أدلة الاستصحاب الشك في بقاء ما كان متحققا سابقا، بشرط أن يكون هذا المشكوك - على تقدير بقائه - إما حكما شرعيا أو موضوعا لحكم شرعي، فلو كان المشكوك قيام عمرو، والمتيقن سابقا قيام زيد، فليس هذا الشك شكا في البقاء، ولو كان المشكوك قيام زيد، وكان الشك مستندا إلى الشك في وجود زيد، فان كان موضوع الحكم الشرعي تحقق هذا المفهوم، أعني قيام زيد، يصدق أنه شك في بقاء ما هو موضوع لحكم الشارع، وان كان في هذه الصورة موضوع الحكم الشرعي ثبوت القيام لزيد بعد تحققه، فهذا المعنى ليس مشكوكا فيه، للعلم بقيامه بعد تحققه. والمعنى المشكوك فيه أعني قيام زيد - ليس بموضوع للحكم الشرعي. وأنت إذا أمعنت النظر فيما ذكرنا، تعرف أن المدعى لا يحتاج في اثباته إلى مزيد برهان، وان تكلف له شيخنا المرتضى قدس سره قال في هذا المقام: (الدليل على اعتبار هذا الشرط في جريان الاستصحاب واضح، لأنه لو لم يعلم تحققه لاحقا، فإذا أريد ابقاء المستصحب العارض له المتقوم به، فاما أن يبقى في غير محل موضوع، وهو محال. واما أن يبقى في موضوع غير الموضوع السابق. ومن المعلوم أن هذا ليس ابقاءا لنفس ذلك العارض، وإنما هو حكم بحدوث عارض مثله في موضوع جديد، فيخرج عن الاستصحاب، بل حدوثه للموضوع الجديد كان مسبوقا بالعدم، فهو المستصحب دون وجوده.
وبعبارة أخرى بقاء المستصحب لا في موضوع محال، وكذا في موضوع آخر، إما لاستحالة انتقال العرض، وإما لان المتيقن سابقا وجوده في الموضوع السابق، والحكم - بعدم ثبوته لهذا الموضوع الجديد - ليس نقضا للمتيقن السابق). انتهى كلامه قدس سره.