في الهلكة، فيجب الجمع بين هذا الاطلاق والقاعدة العقلية التي مرت سابقا: من قبح العقاب من دون بيان، بأن يستكشف من هذه الأدلة أن الشارع قد كان أوجب الاحتياط على المخاطبين بالخطاب المدلول عليه بهذه الاخبار، والا لم يصح التعليل المذكور في الاخبار، فإذا ثبت وجوب الاحتياط على المخاطبين بهذه الخطابات، يثبت وجوبه علينا أيضا، للقطع بالاشتراك في التكليف. هذا غاية ما يمكن ان يقال في تقريب الاستدلال بهذه الاخبار.
(والجواب) أولا بأنا نمنع ظهور المشتبه في كل محتمل، بل قد يطلق على فعل يحتمل فيه الحظر، وبعد احتمال ذلك في اللفظ لا يتعين المعنى الأول، بل يتعين الثاني، بقرينة التعليل، فلا ربط حينئذ لتلك الأخبار بمذهب المدعى.
(وثانيا) أنه - على فرض ظهور هذه الأخبار في العموم - لا مناص من حملها على إرادة مطلق الرجحان، وحمل الهلكة فيها على الأعم من العقاب وغيره من المفاسد، لأنه من الموارد التي أديت بهذه العبارة - في الاخبار على سبيل التعليل - النكاح في الشبهة، وقد فسره الإمام الصادق عليه السلام بقوله: (إذا بلغك أنك رضعت من لبنها، أو أنها لك محرمة، وما أشبه ذلك) ولا اشكال في أن مثل هذا النكاح لا يجب الاجتناب عنه، ولا يوجب عقابا، وإن صادف المحرم الواقعي، فان مثل هذه الشبهة من الشبهات الموضوعية التي يتمسك فيها بالأصل اتفاقا، مضافا إلى قيام الاجماع أيضا فيها.
والحاصل أن قولهم عليهم السلام - فان الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة - اجرى في موارد وجوب التوقف، وفي موارد عدم وجوب التوقف، فاللازم ان نحمله على إرادة مطلق الرجحان، حتى يلايم