وأما عن سائر الأخبار الآمرة بالاحتياط، فبأن الامر فيها دائر بين التصرف في المأمور به - بحمله على غير الشبهات الموضوعية التي ليس الاحتياط فيها واجبا اتفاقا - وبين التصرف في الهيئة بحملها على إرادة مطلق الرجحان، ولا أقل من عدم ترجيح الأول ان لم يكن الثاني أولى، كما هو واضح، مضافا إلى أن الظاهر من كلها أو جلها الاستحباب، كما لا يخفى على من راجعها.
الامر الرابع - من الأمور التي تمسك بها الخصم - العلم الاجمالي بوجود احكام كثيرة، وهذا العلم حاصل لكل من علم ببعث النبي صلى الله عليه وآله، ولا طريق إلى انكاره إلا المكابرة. ومقتضى هذا العلم الاحتياط في كل شبهة وجوبية أو تحريمية، لان الاشتغال اليقيني بالتكاليف يقتضى البراءة اليقينية منها بحكم العقل، غاية الامر إن ثبت عدم وجوب الاحتياط في الشبهات الوجوبية بالدليل، نقول بمقتضاه في خصوص تلك الشبهة، وتبقى الشبهات التحريمية باقية على
____________________
(68) وليس حاله الا حال الأخبار الدالة على التوقف المعللة بان الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات، وقد مر تقريب الاستدلال مع الجواب عنها فراجع