وفيه أن قياس المقام بمسألة وجود الشك السببي والمسببي فاسد من وجوه:
(أحدها) - أن الامر في ذلك المقام دائر بين التخصيص والتخصص، بخلاف مقامنا، فان اجراء الحكم على كل من الظنين يوجب خروج الآخر عن الموضوع، لأن المفروض أن الموضوع مقيد بعدم قيام الدليل على عدم حجيته، والدليل - على حجية شئ تلازم عدم حجية شئ آخر - دليل على عدم حجية ذلك الشئ الآخر.
و (ثانيها) - أنه لو سلمنا أن الامر في ذلك المقام أيضا لم يكن دائرا بين التخصيص والتخصص، بل يكون كما يكون كالمقام دائرا بين تخصصين، كما إذا قلنا بحجية الاستصحاب من باب الطريقية، فيلزم منه القول بأنه إذا اجرى في الشك المسببي يزول الشك في السبب، كالعكس، من باب لزوم الاخذ بلوازم الطريق، ولكن يمكن القول بتقديم الشك السببي من جهة تقدم وجوده على الشك المسببي رتبة، فيرتب عليه حكمه، من دون مزاحم في مرتبته، حيث إن الشك المسببي الذي هو معلوله ليس موجودا في مرتبة العلة، بخلاف مقامنا هذا، لعدم الترتب بين الظنين في مرتبة الوجود. (62) و (ثالثها) أنه لو فرضنا كون الامر دائرا بين التخصيص والتخصص في المقام، فلا وجه أيضا لتقديم الظن المانع.
____________________
(62) بل الظن المانع متأخر من حيث الرتبة، لان موضوعة عدم حجية الممنوع ومعلوم أن مرتبة الحجية وعدمها متأخرة عن أصل الحجة، والظن بالشئ