ولكنه مخدوش بعدم ثبوت الاتفاق على البراءة، حتى في مثل هذه الشبهة، كيف؟ والخصم يستدل على دعواه بوجوب دفع المفسدة المحتملة. والمتيقن من مورد الاتفاق إنما هو الشبهات التي لم يكن كشفها وظيفة الشارع، مثل كون هذا المايع بولا أو خمرا ونحو ذلك فالعمدة في الجواب ما ذكرنا فلا تغفل (65).
(الامر الثاني) أن الأمور التي يمكن أن تكون بيانا وحجة على العقاب - بزعم الخصم - الآيات والاخبار. أما الآيات فهي على صنفين.
(أحدهما) ما دل على النهى عن القول بغير العلم. والجواب عنه واضح، لأنا لا نقول بأن الواقعة المشكوكة محكومة بالحلية في نفس الامر، حتى يكون قولا بغير علم، بل نقول بان اتيان محتمل الحرمة بعد الفحص عن الدليل لا يوجب عقابا، وكذا ترك محتمل الوجوب. وهذا ليس قولا بغير علم، بل هو مقتضى حكم العقل بقبح العقاب من دون بيان.
(ثانيهما) - ما دل بظاهره على لزوم الاحتياط والتورع والاتقاء،
____________________
(65) لا يخفى أن ما ذكره - دام ظله - في الجواب لا يثمر إلا لنفي حكم العقل بوجوب دفع الضرر المظنون، ليكشف منه حكم الشرع بقاعدة الملازمة، حيث أنكر كون الجبليات والفطريات حكم العقل، كما في فطريات الحيوانات. وأما ذلك فلا ينفي حكم الشرع، تعبدا بحرمة مخالفة تلك الجبلة، إذا ورد عليه دليل آخر غير ما ادعى من العقل، كما أن عد إهلاك الانسان نفسه من الجبليات.
ولكن مع ذلك ورد من الشارع حرمته بالاجماع والكتاب والسنة، فيمكن أن يكون الاضرار أيضا كذلك، حيث أنه لا اشكال في حرمة الاضرار على النفس أو المال أو العرض إذا لم يكن مما يتسامح ويتحمل عادة بالاجماع أو بلا ضرر، فليس الجواب
ولكن مع ذلك ورد من الشارع حرمته بالاجماع والكتاب والسنة، فيمكن أن يكون الاضرار أيضا كذلك، حيث أنه لا اشكال في حرمة الاضرار على النفس أو المال أو العرض إذا لم يكن مما يتسامح ويتحمل عادة بالاجماع أو بلا ضرر، فليس الجواب