حتى يتضح الحال.
وأما ما عن الأردبيلي (يه) وصاحب المدارك (يو) من الالتزام بالوجوب النفسي التهيئي واستحقاق العقوبة على تركه مطلقا، فغير وجيه، لا لما قال المحقق المنقدم من لزوم محذور وجوب المقدمة قبل وجوب ذيها، وأن تبعية وجوبها عن وجوبه كالنار على المنار (يز)، ضرورة عدم مناط المقدمية فيه، لعدم التوقف الوجودي، لكن لما رأى المولى أن ترك الفحص موجب للوقوع في ترك المأمور به أو فعل المنهي عنه أحيانا، ولا يكون في الفحص مناط المقدمية حتى يجب بناء على الملازمة، فلا محالة يأمر به لسد الاحتمال، كالأمر بالاحتياط في الشبهة البدوية.
لكن يرد عليهما: - مضافا إلى عدم دليل من عقل أو نقل عليه: أما العقل فواضح، وأما النقل فسيأتي [عند] بيان مفاد الأدلة - أن مخالفة الوجوب النفسي التهيئي لا توجب عقوبة عقلا، لعدم المحبوبية الذاتية فيه، ولا يكون تعلق الأمر به لأجله حتى يكون مولويا ذاتيا موجبا لاستحقاق العقوبة، بل يكون لأجل التحفظ على الغير كالأمر بالاحتياط، فالالتزام بما ذكرا - مع كونه بلا موجب - لا يدفع الإشكال. مع أن إنكار استحقاق العقوبة على مخالفة نفس الواقع غير وجيه.
هذا كل حال حكم العقل مع قطع النظر عن الأدلة الشرعية.
وأما حال الأدلة فملخص الكلام فيها: أن مقتضى التدبر في الأخبار الكثيرة المتفرقة في أبواب متفرقة، أن التفقه - وتحصيل مرتبة الفقاهة والاجتهاد في الأحكام - مستحب نفسي أكيد أو واجب كفائي نفسي.
ويدل على المطلوبية النفسية أخبار كثيرة في فضل العلم والعلماء، كقول أبي جعفر في مرسلة ربعي: (الكمال كل الكمال التفقه في الدين، والصبر على النائبة، وتقدير المعيشة) (يح) وكقول أبي عبد الله: (إن العلماء ورثة الأنبياء) (يط) وكقوله: (العلماء أمناء الله) (ك) وقوله: (العلماء منار) (كا) وكقول رسول الله: (من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة) (كب) وكأخبار فضل العالم على العابد (كج) وغيرها (كد)