وبعبارة أخرى: أن الباعث هو الصورة القائمة بالنفس من غير دخالة للأمر الواقعي ولو بنحو التشريك، ومعه لا تتحقق الإطاعة، فلا يمكن الاحتياط.
بل يمكن توسعة دائرة الإشكال، بأن يقال: إن محرك الإنسان في جميع حركاته وأفعاله ليس إلا الصورة الذهنية، غاية الأمر أنه يتوهم الفاعل كونها حاكية عن الواقع، لكن وجود الواقع وعدمه على. السواء.
مثلا: من اعتقد أن الأسد في طريقه، فيخاف ويفر منه، لا يكون خوفه وفراره إلا من الصورة المتوهمة التي اعتقد أنها حاكية عن الواقع، فالخائف وإن توهم أن خوفه من الواقع، لكن لا يخاف حقيقة إلا من توهم الواقع، وهو صورة قائمة بنفسه.
والدليل عليه: أن المعتقد المتوهم يخاف ويفر كان أسد بحسب الواقع أو لم يكن، فلو كان الأسد دخيلا - ولو بنحو جزء الموضوع - في الإخافة والفرار، لم يمكن أن تؤثر الصورة المتوهمة التي ليست لها واقعية فيهما، مع أن وجود الأسد وعدمه في الخوف والفرار على السواء.
وكذا الكلام في إطاعة الأمر المعلوم من المولى، فإن المكلف إذا اعتقد وجود الأمر فانبعث نحو المأمور به، يكون انبعاثه لأجل اعتقاده بالأمر كان أمر في الواقع أو لا، فوجوده وعدمه سواء، فالباعث نفس الاعتقاد لا الأمر، ولو كان الواقع دخيلا فالتحريك ولو بنحو جزء الموضوع لم يتحرك في صورة تخلف الاعتقاد عن الواقع، مع أن الأمر ليس كذلك بالضرورة، فالصورة