الشيخ الطوسي أو النجاشي أو العلامة مثلا بتعديله، وجعل الحديث الصحيح عند التحقيق منحصرا فيما توافق اثنان فصاعدا على تعديل رواته. ويلزمه عدم الحكم بجرح من تفرد واحد هؤلاء بجرحه، وهو يلتزم ذلك. ولم يأت على هذا الاشتراط بدليل عقلي يعول عليه أو نقلي تركن النفس إليه، ولعلك قد أحطت خبرا بما يتضح به حقيقة الحال، ومع ذلك فأنت خبير بأن علماء الرجال الذين وصلت إلينا كتبهم في هذا الزمان كلهم ناقلون تعديل الرواة عن غيرهم، وتوافق الاثنين منهم على التعديل لا ينفعه في الحكم بصحة الحديث إلا إذا ثبت أن مذهب كل من ذينك الاثنين عدم الاكتفاء في تزكية الراوي بالعدل الواحد، ودون ثبوته خرط القتاد! بل الذي يظهر خلافه، كيف لا والعلامة - طاب ثراه - مصرح في كتبه الأصولية بالاكتفاء بالواحد.
والذي يستفاد من كلام الكشي والنجاشي والشيخ وابن طاوس وغيرهم اعتمادهم في التعديل والجرح على النقل من الواحد، كما يظهر لمن تصفح كتبهم.
فكيف يتم لمن يجعل التزكية شهادة أن يحكم بعدالة الراوي بمجرد اطلاعه على تعديل اثنين من هؤلاء له في كتبهم وحالهم ما عرفت، مع أن شهادة الشاهد لا يتحقق بما يوجد في كتابه.
نعم، لو كان هؤلاء الذين كتبهم في الجرح والتعديل بأيدينا في هذا الزمان ممن شهد عند كل واحد منهم عدلان بحال الراوي، أو كانوا من الذين خالطوا رواة الحديث واطلعوا على عدالتهم ثم شهدوا بها لتم الدست (1). والله أعلم بحقائق الأمور (2). انتهى كلامه.
وأنا أقول: إن شئت تحقيق المقام فاستمع لما نتلو عليك من الكلام، فإن كلام هؤلاء الأفاضل بعيد عن الحق، أبعد ما بين السماء والأرض!
ومن المعلوم أنه إذا تصدى لتحقيق غوامض المباحث الدينية من لم تكن له