بلا امتراء، بل اعتمادهم على القطع لما حققناه.
وأقول خامسا: قوله: " مع أن شهادة الشاهد لا يتحقق بما يوجد في كتابه " دليل على بطلان ما زعمه الفاضلان: من أن اعتمادنا على الجرح والتعديل المسطورين في كتب قدمائنا من باب الاعتماد على الشهادة، ودليل على أن الاعتماد في هذا الباب على القرائن. ومن المعلوم: أن الكتابة من القرائن، وقد تقدم نقلا عن أصحاب العصمة (عليهم السلام) أن القلب يتكل على الكتابة (1) أقوى مما يعتمد على حفظه.
وبالجملة، انتفاعنا مما في كتب الرجال من جهة أنه من جملة القرائن المفيدة للقطع بحال الراوي، لا من جهة أنه من باب تزكية العدل الواحد أو العدلين كما توهمه العلامة (2) وتبعه فيه جماعة.
وأقول سادسا: أن العجب كل العجب! من العلامة الحلي ومن تبعه حيث فسروا العدالة بملكة نفسانية تبعث على ملازمة التقوى والمروة كما فسرته العامة، ثم زعموا أن بتزكية العدلين أو العدل الواحد يثبت هذا المعنى، وهم في غفلة وأي غفلة! عن أن الشهادة وما في معناها إنما تجريان فيما يدرك بالحس. ومن المعلوم: أن الملكة المذكورة من الأمور العقلية الصرفة التي يستدل عليها بالآثار الظاهرة. ومن المعلوم:
أن الشاهد إذا حصل شيئا بالكسب والنظر لا تسمع شهادته فيه، وإنما تسمع فيما أدركه بالحس، وكون الآثار ملزوما لتلك الملكة لا تدرك بالحس ولا تجري الشهادة فيه أيضا.
نعم، يستفاد من كلام أصحاب العصمة (عليهم السلام) أن العدالة المعتبرة في باب الشهادة وفي باب إمام الجماعة مركبة من أمر وجودي محسوس ومن عدم أمر محسوس ومن المعلوم: أن عدم أمر لو كان موجودا لكان محسوسا يدرك بمعونة الحس، والعدالة بهذا المعنى تثبت بالشهادة وما في معناها.
ثم اعلم أنه يستفاد من كلامهم (عليهم السلام): أن المعتبر في باب رواية أحكام الله تعالى أن يكون الراوي ثقة في روايته، وقد تقدم طرف من أحاديثهم (عليهم السلام) فيه الكفاية. ومن