وأنا أقول: كلامهم في هذا المقام غير سديد، وذلك لأن الذاهل عن حكم الله لا يتعلق بفعله خطاب اقتضائي ولا تخييري ما دام ذاهلا، وغير الذاهل لابد من أن يتعلق بفعله أحد الخطابين، ومن هذا القبيل من وطئ أجنبية يظن أنها زوجته، فيكون وطؤه موصوفا بالحل الشرعي قطعا، فاللازم من القاعدة: الأول.
توضيح ذلك: أن الموصوف بالحل الشرعي هو الذي تعلق به خطاب التخيير أو أحد الثلاثة وهنا تعلق (2) والمثال المطابق للمقام: من وطئ أجنبية عالما بأنها أجنبية ذاهلا عن حكم الله فيها، فإنه حين هو كذلك لا يتعلق بفعله خطاب اقتضائي ولا تخييري.
ويرد على قوله (3) " ليدخل مثل ذلك... " أنه لا يدخل بالإبدال، لما عرفت من أن الذاهل عن حكم الله لا يتعلق بفعله حكم من الأحكام الاقتضائية أو التخييرية.
وقوله: " إلتفاتا إلى تعلق الحكم الشرعي بكثير من غير المكلفين كضمان الصبي ما يتلفه... الخ " غير منقح.
وتنقيح المقام: أن الخطاب الوضعي لا يتعلق أولا وبالذات بالفاعل، بل يتعلق أولا وبالذات بفعل الفاعل أو بغير فعل الفاعل، والخطاب الاقتضائي والتخييري يتعلقان بالفاعل أولا وبالذات ثم يتعلقان بفعله ثانيا وبالعرض، ومن ثم ليس التكليف شرطا في الوضعي * وقوله: " ويجري ذلك في قتل الخطأ وأكل المضطر الميتة " كلام ظاهري.
____________________
* إن ما ذكره أولا من عدم تعلق الخطاب بالجاهل في هذه المسألة وعدم وصف فعله بالحرمة غير مستقيم، لأن الجاهل هنا بمنزلة العامد، لتقصيره في العلم بالحكم، لأن مثل هذه التكاليف الواضحة الشائعة العامة السهلة المعرفة والتعلم لا يعذر جاهلها، وقد صرحوا بعدم المعذرة فيما هو أخفى من ذلك وألحقوه بالعامد.
وأما ما ذكره من التنقيح فغير ظاهر لأن الخطاب بالأفعال على حد واحد، فإن قيدنا الأفعال
وأما ما ذكره من التنقيح فغير ظاهر لأن الخطاب بالأفعال على حد واحد، فإن قيدنا الأفعال