وخبر من يكون بعدكم، أنزل من عند الله على محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وسألت رحمك الله عن الاستطاعة للفعل، فإن الله عز وجل خلق العبد وجعل له الآلة والصحة، وهي القوة التي يكون العبد بها متحركا مستطيعا للفعل، ولا متحرك إلا وهو يريد الفعل وهي صفة مضافة إلى الشهوة التي هي خلق الله عز وجل مركبة في الإنسان، فإذا تحركت الشهوة في الإنسان اشتهى الشيء وأراده، فمن ثم قيل للإنسان: مريد، فإذا أراد الفعل وفعل كان مع الاستطاعة والحركة فمن ثم قيل للعبد:
مستطيع متحرك، فإذا كان الإنسان ساكنا غير مريد للفعل وكان معه الآلة - وهي القوة والصحة اللتان بهما تكون حركات الإنسان - كان سكونه لعلة سكون الشهوة فقيل: ساكن، فوصف بالسكون. فإذا اشتهى الإنسان وتحركت شهوته التي ركبت فيه اشتهى الفعل وتحرك بالقوة المركبة فيه واستعمل الآلة التي بها يفعل الفعل، فيكون الفعل منه عند ما تحرك واكتسبه فقيل: فاعل ومتحرك ومكتسب ومستطيع، أو لا ترى أن جميع ذلك في صفات يوصف بها الإنسان.
وسألت رحمك الله عن التوحيد وما ذهب إليه من قبلك، فتعالى الله الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، تعالى الله عما يصف الواصفون المشبهون الله تبارك تعالى بخلقه المفترون على الله عز وجل، فاعلم رحمك الله: أن المذهب الصحيح في التوحيد ما نزل به القرآن من صفات الله عز وجل، فانف عن الله عز وجل البطلان والتشبيه، فلا نفي ولا تشبيه، هو الله الثابت الوجود، تعالى الله عما يصفه الواصفون، ولا تعد القرآن فتضل بعد البيان.
وسألت رحمك الله عن الإيمان، فالإيمان هو الإقرار باللسان وعقد بالقلب وعمل بالأركان، فالإيمان بعضه من بعض، وقد يكون العبد مسلما قبل أن يكون مؤمنا ولا يكون مؤمنا حتى يكون مسلما، فالإسلام قبل الايمان وهو يشارك الإيمان، فإذا أتى العبد بكبيرة من كبائر المعاصي أو صغيرة من صغائر المعاصي التي نهى الله عز وجل عنها كان خارجا من الإيمان وساقطا عنه اسم الإيمان وثابتا عليه اسم الإسلام، فإذا تاب واستغفر الله عاد إلى الإيمان ولم يخرج إلى الكفر والجحود. وإذا