وأما قولهم: الأصل في تصرفات المسلم الصحة، فهذه القاعدة موافقة للأحاديث الواردة في أبواب متفرقة، فنحن معاشر الأخباريين نقول بها ولا نغفل عن الفرق بين أخبار المسلم وبين أفعاله، فإن في الأول يجب التوقف.
وأما قولهم: " الأصل في الماء الطهارة " فيمكن أن يحمل على الحالة الراجحة سواء فسرت الطهارة بمعنى عدمي، أو فسرت بمعنى وجودي، نظير ذلك قولهم: " الأصل في الكلام الحقيقة " وكما أن هناك الحقيقة فرع الوضع، هنا الطهارة فرع الشرع، والمراد التخلية عما عدا ما اعتبر فيهما من وضع أو شرع. ويمكن أن يحمل على الحالة السابقة. ويمكن أن يحمل على القاعدة، وهي موافقة لقولهم (عليهم السلام): كل شيء طاهر حتى يستيقن أنه قذر (1) ولقولهم (عليهم السلام) كل ماء طاهر حتى يستيقن أنه قذر (2) *.
____________________
* احتمال حمل أصل الطهارة للماء على الحالة الراجحة لا وجه له، بل يتعين حمله على الحالة السابقة، لأن أصل الماء من ذاته كله طاهر، النابع من الأرض والنازل من السماء، ولا ينجس إلا بعارض. وليس التعارض بين طهارة الماء ونجاسته كتعارض الحقيقة والمجاز في كل لفظ، لمعلومية الأصل في الأول دون الثاني.
* * *
* * *