وإني بحمد الله لا ثوب فاخر * لبست ولا من غدرة أتقنع وقد روى أن الكفار عند خروجهم من قبورهم يقولون: سبحانك وبحمدك، وقيل المراد بالدعاء هنا البعث وبالاستجابة أنهم يبعثون، فالمعنى: يوم يبعثكم فتبعثون منقادين (وتظنون إن لبثتم إلا قليلا) أي تظنون عند البعث أنكم ما لبثتم في قبوركم إلا زمنا قليلا، وقيل بين النفختين، وذلك أن العذاب يكف عن المعذبين بين النفختين، وذلك أربعون عاما ينامون فيها، فلذلك - قالوا من بعثنا من مرقدنا -. وقيل إن الدنيا تحقرت في أعينهم وقلت حين رأوا يوم القيامة، فقالوا هذه المقالة (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن) أي قل يا محمد لعبادي المؤمنين إنهم يقولون عند محاورتهم للمشركين الكلمة التي هي أحسن من غيرها من الكلام الحسن كقوله سبحانه - ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن - وقوله - فقولا له قولا لينا - لأن المخاشنة لهم ربما تنفرهم عن الإجابة أو تؤدي إلى ما قال سبحانه - ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم - وهذا كان قبل نزول آية السيف، وقيل المعنى: قل لهم يأمروا بما أمر الله وينهوا عما نهى عنه، وقيل هذه الآية للمؤمنين فيما بينهم خاصة، والأول أولى كما يشهد به السبب الذي سنذكره إن شاء الله (إن الشيطان ينزغ بينهم) أي بالفساد وإلقاء العداوة والإغراء. قال اليزيدي: يقال نزغ بيننا: أي أفسد. وقال غيره: النزغ الإغراء (إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا) أي متظاهرا بالعداوة مكاشفا بها، وهو تعليل لما قبله، وقد تقدم مثل هذا في البقرة (ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم أو إن يشأ يعذبكم) قيل هذا خطاب للمشركين. والمعنى: إن يشأ يوفقكم للإسلام فيرحمكم أو يميتكم عن الشرك فيعذبكم، وقيل هو خطاب للمؤمنين: أي إن يشأ يرحمكم بأن يحفظكم من الكفار، أو إن يشأ يعذبكم بتسليطهم عليكم، وقيل إن هذا تفسير للكلمة التي هي أحسن (وما أرسلناك عليهم وكيلا) أي ما وكلناك في منعهم من الكفر، وقسرهم على الإيمان، وقيل: ما جعلناك كفيلا لهم تؤخذ بهم، ومنه قول الشاعر:
ذكرت أبا أروى فبت كأنني * برد الأمور الماضيات وكيل أي كفيل (وربك أعلم بمن في السماوات والأرض) أعلم بهم ذاتا وحالا واستحقاقا، وهو أعم من قوله - ربكم أعلم بكم - لأن هذا يشمل كل ما في السماوات والأرض من مخلوقاته. وذاك خاص ببني آدم أو ببعضهم، وهذا كالتوطئة لقوله (ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض) أي أن هذا التفضيل عن علم منه بمن هو أعلى رتبة وبمن دونه، وبمن يستحق مزيد الخصوصية بتكثير فضائله وفواضله. وقد تقدم هذا في البقرة. وقد اتخذ الله إبراهيم خليلا، وموسى كليما، وجعل عيسى كلمته وروحه. وجعل لسليمان ملكا عظيما، وغفر لمحمد ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وجعله سيد ولد آدم، وفى هذه الآية دفع لما كان ينكره الكفار مما يحكيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من ارتفع درجته عند ربه عز وجل، ثم ذكر ما فضل به داود. فقال (وآتينا داود زبورا) أي كتابا مزبورا. قال الزجاج: أي فلا تنكروا تفضيل محمد وإعطاءه القرآن فقد أعطى الله داود زبورا.
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (ورفاتا) قال: غبارا.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله (ورفاتا) قال: ترابا، وفى قوله (قل كونوا حجارة أو حديدا) قال: ما شئتم فكونوا، فسيعيدكم الله كما كنتم. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد الله ابن أحمد في زوائد الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عمر في قوله (أو خلقا مما يكبر في صدوركم) قال: الموت، لو كنتم موتا لأحييتكم. وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن جرير والحاكم عن ابن عباس مثله. وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن الحسن مثله أيضا. وأخرج عبد الله بن أحمد وابن جرير وابن المنذر عن