إنسانا ذكرا وعدل أعضاءك وكملك، وفى هذا تلويح بالدليل على البعث، وأن القادر على الابتداء قادر على الإعادة، وانتصاب رجلا على الحال أو التمييز (لكنا هو الله ربى) كذا قرأ الجمهور بإثبات الألف بعد لكن المشددة. وأصله لكن أنا حذفت الهمزة وألقيت حركتها على النون الساكنة قبلها فصار لكننا، ثم استثقلوا اجتماع النونين فسكنت الأولى وأدغمت الثانية، وضمير هو للشأن، والجملة بعده خبره والمجموع خبر أنا، والراجع ياء الضمير، وتقدير الكلام: لكن أنا الشأن الله ربي. قال أهل العربية: إثبات ألف أنا في الوصل ضعيف. قال النحاس: مذهب الكسائي والفراء والمازني أن الأصل لكن أنا، وذكر نحو ما قدمنا. وروى عن الكسائي أن الأصل لكن الله هو ربي أنا. قال الزجاج: إثبات الألف في لكنا في الإدراج جيد لأنها قد حذفت الألف من أنا فجاءوا بها عوضا، قال: وفى قراءة أبي " لكن أنا هو الله ربى " وقرأ ابن عامر والمثنى عن نافع، وورش عن يعقوب " لكنا " في حال الوصل والوقف معا بإثبات الألف، ومثله قول الشاعر:
أنا سيف العشيرة فاعرفوني * فإني قد تذربت السناما ومنه قول الأعشى:
فكيف أنا وألحان القوافي * وبعد الشيب يكفي ذاك عارا ولا خلاف في إثباتها في الوقف، وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي وأبو العالية، وروى عن الكسائي " لكن هو الله ربي " ثم نفى عن نفسه الشرك بالله، فقال (ولا أشرك بربي أحدا) وفيه إشارة إلى أن أخاه كان مشركا، ثم أقبل عليه يلومه فقال (ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله) لولا للتحضيض: أي هلا قلت عندما دخلتها هذا القول. قال الفراء والزجاج: ما في موضع رفع على معنى الأمر ما شاء الله: أي هلا قلت حين دخلتها الأمر بمشيئة الله، وما شاء الله كان، ويجوز أن تكون ما مبتدأ والخبر مقدر: أي ما شاء الله كائن، ويجوز أن تكون ما شرطية والجواب محذوف: أي أي شئ شاء الله كان (لا قوة إلا بالله) أي هلا قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله، تحضيضا له على الاعتراف بأنها وما فيها بمشيئة الله، إن شاء أبقاها وإن شاء أفناها، وعلى الاعتراف بالعجز، وأن ما تيسر له من عمارتها إنما هو بمعونة الله لا بقوته وقدرته. قال الزجاج: لا يقوى أحد على ما في يده من ملك ونعمة إلا بالله، ولا يكون إلا ما شاء الله. ثم لما علمه الإيمان وتفويض الأمور إلى الله سبحانه أجابه على افتخاره بالمال والنفر فقال (إن ترني أنا أقل منك مالا وولدا) المفعول الأول ياء الضمير، وأنا ضمير فصل، وأقل المفعول الثاني للرؤية إن كانت علمية، وإن جعلت بصرية كان انتصاب أقل على الحال، ويجوز أن يكون أنا تأكيد لياء الضمير، وانتصاب مالا وولدا على التمييز (فعسى ربى أن يؤتيني خيرا من جنتك) هذا جواب الشرط: أي إن ترني أفقر منك، فأنا أرجو أن يرزقني الله سبحانه جنة خيرا من جنتك في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما (ويرسل عليها حسبانا) أي ويرسل على جنتك حسبانا، والحسبان مصدر: بمعنى الحساب كالغفران: أي مقدار قدره الله عليها، ووقع في حسابه سبحانه، وهو الحكم بتخريبها. قال الزجاج: الحسبان من الحساب: أي يرسل عليها عذاب الحساب، هو حساب ما كسبت يداك. وقال الأخفش: حسبانا: أي مرامي (من السماء) واحدها حسبانه، وكذا قال أبو عبيدة والقتيبي. وقال ابن الأعرابي: الحسبانة السحابة، والحسبانة الوسادة، والحسبانة الصاعقة، وقال النضر ابن شميل: الحسبان سهام يرمى بها الرجل في جوف قصبة تنزع في قوس، ثم يرمي بعشرين منها دفعة، والمعنى:
يرسل عليها مرامي من عذابه: إما برد، وإما حجارة أو غيرهما مما يشاء من أنواع العذاب. ومنه قول أبي زياد