في قوله (فقل لهم قولا ميسورا) قال: العدة. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن سيار أبي الحكم قال.
أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بر من العراق، وكان معطاء كريما فقسمه بين الناس، فبلغ ذلك قوما من العرب، فقالوا: إنا نأتي النبي صلى الله عليه وآله وسلم نسأله، فوجدوه قد فرغ منه، فأنزل الله (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك) قال محبوسة (ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما) يلومك الناس (محسورا) ليس بيدك شئ. أقول: ولا أدري كيف هذا؟ فالآية مكية، ولم يكن إذ ذاك عرب يقصدون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا يحمل إليه شئ من العراق ولا مما هو أقرب منه. على أن فتح العراق لم يكن إلا بعد موته صلى الله عليه وآله وسلم. وأخرج ابن جرير عن المنهال بن عمرو " بعثت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بابنها فقالت: قل له اكسني ثوبا. فقال: ما عندي شئ. فقالت: ارجع إليه فقل له اكسني قميصك. فرجع إليه فنزع قميصه فأعطاها إياه، فنزلت (ولا تجعل يدك مغلولة) الآية ". وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود نحوه.
وأخرج ابن مردويه عن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم " قال لعائشة وضرب بيده: أنفقي ما على ظهر كفي، قالت: إذن لا يبقى شئ. قال ذلك ثلاث مرات. فأنزل الله (ولا تجعل يدك مغلولة) الآية " ويقدح في ذلك أنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يتزوج بعائشة إلا بعد الهجرة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (ولا تجعل يدك مغلولة) قال: يعني بذلك البخل. وأخرجا عنه في الآية قال: هذا في النفقة يقول:
لا تجعلها مغلولة لا تبسطها بخير، ولا تبسطها كل البسط، يعني التبذير (فتقعد ملوما). يلوم نفسه على ما فاته من ماله (محسورا) ذهب ماله كله. وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله (إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر) قال: ينظر له، فإن كان الغني خيرا له أغناه، وإن كان الفقر خيرا له أفقره، وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (خشية إملاق) قال: مخافة الفقر والفاقة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عنه في قوله (خطأ) قال: خطيئة. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله (ولا تقربوا الزنا) قال: يوم نزلت هذه الآية لم يكن حدود. فجاءت بعد ذلك الحدود في سورة النور. وأخرج أبو يعلى وابن مردويه عن أبي بن كعب أنه قرأ " ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا - إلا من تاب فإن الله كان غفورا رحيما " فذكر لعمر فأتاه فسأله، فقال: أخذتها من في رسول الله وليس لك عمل إلا الصفق بالبقيع. وقد ورد في الترهيب عن فاحشة الزنا أحاديث كثيرة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الضحاك في قوله (ولا تقتلوا النفس) الآية قال:
هذا بمكة ونبي الله صلى الله عليه وآله وسلم بها، وهو أول شئ نزل من القرآن في شأن القتل، كان المشركون من أهل مكة يغتالون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال الله: من قتلكم من المشركين، فلا يحملنكم قتله إياكم على أن تقتلوا له أبا أو أخا أو واحدا من عشيرته وإن كانوا مشركين، فلا تقتلوا إلا قاتلكم، وهذا قبل أن تنزل براءة، وقيل أن يؤمر بقتال المشركين فذلك قوله (فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا) يقول لا تقتل غير قاتلك، وهى اليوم على ذلك الموضع من المسلمين لا يحل لهم أن يقتلوا إلا قاتلهم. وأخرج البيهقي في سننه عن زيد بن أسلم أن الناس في الجاهلية كانوا إذا قتل الرجل من القوم رجلا لم يرضوا حتى يقتلوا به رجلا شريفا إذا كان قاتلهم غير شريف لم يقتلوا قاتلهم وقتلوا غيره، فوعظوا في ذلك بقول الله سبحانه (ولا تقتلوا النفس) إلى قوله (فلا يسرف في القتل). وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله (ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا) قال: بينة من الله أنزلها يطلبها ولى المقتول القود أو العقل، وذلك السلطان