عن قتادة في قوله (والله جعل لكم مما خلق ظلالا) قال: من الشجر ومن غيرها (وجعل لكم من الجبال أكنانا) قال: غارات يسكن فيها (وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر) قال: من القطن والكتان والصوف (وسرابيل تقيكم بأسكم) من الحديد (كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون) ولذلك هذه السورة تسمى سورة النعم. وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله (سرابيل تقيكم الحر) قال: يعنى الثياب.
(وسرابيل تقيكم بأسكم) قال: يعنى الدروع والسلاح (كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون) يعنى من الجراحات وكان ابن عباس يقرؤها تسلمون كما قدمنا، وإسناده ضعيف.
سورة النحل الآية (84 - 90) لما بين سبحانه من حال هؤلاء أنهم عرفوا نعمة الله ثم أنكروها، وأن أكثرهم كافرون أتبعه بأصناف وعيد يوم القيامة، فقال (ويوم نبعث من كل أمة شهيدا) أي واذكر يوم نبعث. أو يوم نبعث وقعوا فيما وقعوا فيه، وشهيد كل أمة نبيها يشهد لهم بالإيمان والتصديق، وعليهم بالكفر والجحود والتكذيب (ثم لا يؤذن للذين كفورا) أي في الاعتذار، إذ لا حجة لهم ولا عذر كقوله سبحانه - ولا يؤذن لهم فيعتذرون - أو في كثرة الكلام. أو في الرجوع إلى دار الدنيا، وإيراد ثم ها هنا للدلالة على أن ابتلاءهم بالمنع عن الاعتذار المنبئ عن الإقناط الكلى أشد من ابتلائهم بشهادة الأنبياء (ولا هم يستعتبون) لأن العتاب إنما يطلب لأجل العود إلى الرضا، فإذا كان على عزم السخط فلا فائدة في العتاب. والمعنى: أنهم لا يسترضون: أي لا يكلفون أن يرضوا ربهم. لأن الآخرة ليست بدار تكليف، ولا يتركون إلى رجوع الدنيا فيتوبون، وأصل الكلمة من العتب وهو الموجد، يقال عتب عليه يعتب: إذا وجد عليه، فإذا أفاض عليه ما عتب فيه عليه قيل عاتبه، فإذا رجع إلى مسرته قيل أعتبه، والاسم العتبي، وهو رجوع المعتوب عليه إلى ما يرضى العاتب قاله الهروي، ومنه قول النابغة:
فان كنت مظلوما فعبدا ظلمته * وإن كنت ذا عتبى فمثلك يعتب