والعلم والفهم وقوة البدن وضعفه والحسن والقبح والصحة والسقم وغير ذلك من الأحوال، وقيل معنى الآية:
أن الله سبحانه أعطى الموالي أفضل مما أعطى مماليكهم بدليل قوله (فما الذين فضلوا برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم) أي فما الذين فضلهم الله بسعة الرزق على غيرهم برادي رزقهم الذي رزقهم الله إياه على ما مكلت أيمانهم من المماليك (فهم) أي المالكون والمماليك (فيه) أي في الرزق (سواء) أي لا يردونه عليهم بحيث يساوونهم، فالفاء على هذا للدلالة على أن التساوي مترتب على التراد: أي لا يردونه عليهم ردا مستتبعا للتساوي، وإنما يردون عليهم منه شيئا يسيرا، وهذا مثل ضربه الله سبحانه بعبدة الأصنام: أي إذا لم يكونوا عبيدكم معكم سواء ولا ترضون بذلك فكيف تجعلون عبيدي معي سواء والحال أن عبيدكم مساوون لكم في البشرية والمخلوقية، فلما لم تجعلوا عبيدكم مشاركين لكم في أموالكم، فيكف تجعلون بعض عباد الله سبحانه شركاء له فتعبدونهم معه، أو كيف تجعلون بعض مخلوقاته كالأصنام شركاء له في العبادة ذكر معنى هذا ابن جرير، ومثل هذه الآية قوله سبحانه - ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم مما ما ملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقناكم - وقيل إن الفاء في " فهم فيه سواء " بمعنى حتى (أفبنعمة الله تجحدون) حيث تفعلون ما تفعلون من الشرك، والنعمة هي كونه سبحانه جعل المالكين مفضلين على المماليك، وقد قرئ " يجحدون " بالتحتية والفوقية. قال أبو عبيدة وأبو حاتم:
وقراءة الغيبة أولى لقرب المخبر عنه، ولأنه لو كان خطابا لكان ظاهره للمسلمين، والاستفهام للإنكار، والفاء للعطف على مقدر: أي يشركون به فيجحدون نعمته، ويكون المعنى على قراءة الخطاب أن المالكين ليسوا برادي رزقهم على مماليكهم، بل أنا الذي أرزقهم وإياهم فلا يظنوا أنهم يعطونهم شيئا، وإنما هو رزقي أجريه على أيديهم وهم جميعا في ذلك سواء لا مزية لهم على مماليكهم، فيكون المعطوف عليه المقدر فعلا يناسب هذا المعنى كأن يقال: لا يفهمون ذلك فيجحدون نعمة الله. ثم ذكر سبحانه الحالة الأخرى من أحوال الانسان فقال (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا) قال المفسرون: يعنى النساء فإنه خلق حواء من ضلع آدم، أو المعنى: خلق لكم من جنسكم أزواجا لتستأنسوا) بها، لأن الجنس يأنس إلى جنسه ويستوحش من غير جنسه، وبسبب هذه الأنسة يقع بين الرجال والنساء ما هو سبب للنسل الذي هو المقصود بالزواج، ولهذا قال (وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة) الحفدة جمع حافد، يقال حفد يحفد حفدا وحفودا: إذا أسرع، فكل من أسرع في الخدمة فهو حافد قال أبو عبيد: الحفد العمل والخدمة: قال الخليل بن أحمد: الحفدة عند العرب الخدم، ومن ذلك قول الشاعر وهو الأعشى:
كلفت مجهولنا نوقا يمانية * إذ الحداة على أكتافها حفدوا أي الخدم والأعوان. وقال الأزهري: قيل الحفدة أولاد الأولاد، وروى عن ابن عباس، وقيل الأختان، قاله ابن مسعود وعلقمة وأبو الضحى وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي، ومنه قول الشاعر:
فلو أن نفسي طاوعتني لأصبحت * لها حفد مما تعد كثير ولكنها نفس على أبية * عيوف لأصهار اللئام قذور وقيل الحفدة الأصهار. قال الأصمعي: الختن من كان من قبل المرأة كابنها وأخيها وما أشبههما، والأصهار منهما جميعا، يقال أصهر فلان إلى بني فلان وصاهر، وقيل هم أولاد امرأة الرجل من غيره، وقيل الأولاد الذين يخدمونه، وقيل البنات الخادمات لأبيهن. ورجح كثير من العلماء أنهم أولاد الأولاد، لأنه سبحانه أمتن على