الأحكام مدار النصوص، وما دلت عليه بالعموم أو الخصوص، وافقت قواعدهم أم لم توافق، وإليه يشير هنا قوله في اجمال البحث المتقدم بقوله: وبالجملة فالعدول عن ظواهر النصوص إلى آخره.
الموضع الثاني حلب المصراة وسيجئ حكمه إن شاء الله (تعالى).
الثانية قد عرفت أنه متى كان العيب سابقا على العقد، فإن للمشتري الخيار بعد ظهوره بين الرد، والأخذ بالأرش.
وأما لو تجدد بعد العقد وقبل القبض، فإنه لا خلاف في أن له الرد، وإنما الخلاف في أنه مع أخذه والرضا به هل له الأرش أم لا؟ قولان: كلاهما للشيخ.
قال في النهاية: من اشترى شيئا ولم يقبضه ثم حدث فيه عيب كان له رده، فإن أراد أخذه وأخذ الأرش كان له ذلك.
وقال في الخلاف: إذا حدث في المبيع عيب في يد البايع كان للمشتري الرد والامساك، وليس له إجازة البيع مع الأرش، فلا يجبر البايع على بذل الأرش بلا خلاف، فإن تراضيا على الأرش كان جائزا، وكذا قال في المبسوط، وتبعه ابن إدريس على ذلك.
وإلى الأول ذهب العلامة في المختلف، ونقله عن ابن البراج وأبي الصلاح، واحتج في المختلف لما ذهب إليه، قال: لنا إن المبيع لو تلف لكان من ضمان البايع فكذا أبعاضه وصفاته، لأن المقتضي لثبوت الضمان في الجميع وهو عدم القبض موجود في الصفات، ثم نقل عن الشيخ أنه احتج بأن الأصل ثبوت البيع ولزومه، وعدم التسلط بالأرش، وإنما أوجبنا له الخيار بين الرد والقبول، لدفع الضرر اللاحق بايجاب القبول فيبقى الباقي على الأصل.
ثم أجاب عنه بأن التزامه بأحد هذين نوع ضرر، إذا الحاجة قد مست إلى المعاوضة، وإلا لم توجد، والتزامه جميع الثمن ضرر عظيم، لأنه دفعه في مقابلة الجميع بصفاته فلا يجب دفعه عن البعض. انتهى.