مظنة للعيوب، وهي قد تخفى كثيرا ولا تظهر غالبا، وأيضا قد يتعلق به أغراض لا يمكن الاطلاع عليها إلا بالاختبار ومرور الأيام، فضرب الشارع للمشتري هذه المدة لامكان ظهور عيب خفي فيها، وهذه الحكمة لا يظهر وجهها بالنسبة إلى البايع المطلع على عيوب حيوانه، فلا يكون الخيار مشروعا في حقه لانتفاء وجه الحكمة.
ويؤيده أيضا ما قدمنا ذكره من أن مقتضى العقد كتابا وسنة اللزوم من الجانبين حتى يقوم دليل على خلافه.
وبالجملة فإن العمدة في رد القول المزبور إنما هي صحيحة ابن رئاب المروية في قرب الإسناد الغير القابل للتأويل بوجه من الوجوه، وإن كانت جميع هذه الوجوه مؤيدة لذلك. ومن ذلك يعلم أنه يجب جعل التأويل في جانب صحيحة محمد بن مسلم المذكورة بالحمل على أحد المحامل المتقدمة التي أقربها الحمل على ما لو باع حيوانا بحيوان.
وقول شيخنا المتقدم بأنه تخصيص بغير مخصص مدفوع بأن ضرورة الجمع بين الأخبار أوجب التخصيص. على أنه قد اختار القول بذلك، وجعله وجه جمع بين الأخبار، كما سيأتي في كلامه إن شاء الله تعالى. وأما ما عداها مما ظاهره ذلك أيضا فقد عرفت الجواب عنه.
واحتمل في الوسائل حملها على التقية، ولعه الأقرب وإن كان لا يحضرني الآن مذهب العامة في هذه المسألة لما عرفت في مقدمات كتاب الطهارة (1) من أن الحمل على التقية لا يتوقف على وجود القائل بذلك منهم، فإنه لما كان الأصحاب سلفا وخلفا سوى المرتضى (رضي الله عنه) على هذا القول المشهور، وأخبارهم كما عرفت متظافرة به، فإنه يعلم بذلك كونه مذهب الأئمة (عليهم السلام) وليس لما خالف ذلك مما ورد عنهم محمل غير التقية.