ذكر ها، وكانوا - بملاحظة ما اشتملت عليه جميعها أو أكثرها من الأحكام - يدعون عليه الاجماع، وربما اختلفت الأخبار في ذلك الحكم بالتقية وعدمها ا والجواز والكراهة ونحوها، فيدعي كل منهم الاجماع على ما يؤدي إليه نظره وفهمه من تلك الأخبار بعد اشتمال أكثر تلك الأصول أو كلها على الأخبار المتعلقة بما يختاره ويؤدي إليه نظره.
(أقول): وعندي أن هذا الاحتمال ليس ببعيد، فإن الظاهر أن مبدأ التفريع في الأحكام والاستنباط إنما هو من زمن المرتضى والشيخ (رضوان الله عليهما) فإن كتب من تقدمهما من المشايخ إنما اشتملت على جمع الأخبار وتأليفها، وإن كان بعضها قد اشتمل على مذهب واختيار في المسألة، فإنما يشار إليه في عنوان الأبواب وينقل ما يخصه من الأخبار، كما لا يخفى على من لاحظ الكافي والفقه ونحوهما من كتب الصدوق وغيره وكذلك أيضا فتاويهم المحفوظة عنهم لا تخرج عن موارد الأخبار، وحينئذ فنقل الشيخ والسيد (قدس سرهما) اجماع الطائفة على الحكم مع كون عمل الطائفة إنما هو على ما ذكرنا من الأخبار وكونهما على أثر أولئك الجماعة الذين هذه طريقتهم من غير فاصلة، فكيف يصح حمل ما يدعونه من الاجماع على الاجماع في الفتوى وإن كان من غير خبر؟ بل الظاهر أنما هو الاجماع في الأخبار. ألا ترى أن الشيخ في الخلاف المرتضى في الإنتصار إنما استندا في الاستدلال إلى مجرد الاجماع وجعلوه هو المعتمد والمعتبر مع كون الأخبار بمرأى منهم ومنظر، وليس ذلك إلا لرجوعه إليها وكونه عبارة عن الاجماع فيها، وهذا أحد الوجوه التي اعتذر بها شيخنا الشهيد في الذكرى عن اختلافهم في تلك الاجماعات، وهو أظهرها وإن جعله آخرها (المقام الثالث) - في دليل العقل. وفسره بعض بالبراءة الأصلية والاستصحاب، وآخرون قصروه على الثاني، وثالث فسره بلحن الخطاب وفحوى الخطاب ودليل الخطاب، ورابع بعد البراءة الأصلية والاستصحاب بالتلازم بين الحكمين المندرج