جواب (أن) في الآية محذوف، والتقدير يا قوم إن كنت على حجة ودلالة من ربي، ومع ذلك رزقني منه رزقا حسنا، وإنما وصفه بأنه حسن مع أن جميع رزق الله حسن لامرين:
أحدهما - انه أراد ب (حسنا) حسن موقعه لجلالته وعظمته.
والثاني - انه أراد ما هو عليه على وجه التأكيد. وقيل إن الرزق الحسن ههنا النبوة. وقال البلخي معناه الهدي والايمان، لأنهما لا يوصل اليهما إلا بدعائه وبيانه ومعونته ولطفه، وتريدون أن أعدل عما انا عليه من عبادته مع هذه الحال الداعية إليها؟، وإنما حذف لدلالة الكلام عليه، والرزق عطاء الخير الجاري في حكم المعطي، والعطية الواصلة من الانسان رزق من الله. وصلة من الانسان، لا درار الخير على العبد في حكمه.
وقوله " وما أريد ان أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه ". قيل في معناه قولان:
أحدهما - ليس نهيي لكم لمنفعة اجرها إلى نفسي بما تتركون من منع الحقوق.
والثاني - أنا لا انهى عن القبيح وافعله مثل من ليس بمستبصر في امره، كما قال الشاعر:
لا تنه عن خلق وتأتي مثله * عار عليك إذا فعلت عظيم (1) وقوله " ان أريد الا الاصلاح " معناه لست أريد بما آمركم به وأنهاكم عنه الا اصلاح حالكم ما قدرت عليه.
وقوله " وما توفيقي الا بالله " والتوفيق عبارة عن اللطف الذي تقع عنده الطاعة وذلك بحسب ما يعلم الله تعالى. وإنما لم يكن الموفق للطاعة الا الله، لان أحدا لا يعلم ما يتفق عنده الطاعة - من غير تعليم - سواه تعالى.
وقوله " عليه توكلت " معناه على الله توكلت وفوضت أمري إليه على وجه الرضا بتدبيره مع التمسك بطاعته " واليه أنيب " قيل في معناه قولان: