علة ذلك قولان: أحدهما، لأنه في معنى ذات لقاح كقولهم: هم ناصب أي ذو نصب قال النابغة:
كليني لهم يا أميمة ناصب * وليل أقاسيه بطئ الكواكب (1) اي منصب، وقال نهشل بن حري النهشلي:
ليبك يزيد ضارع لخصومه * ومختبط مما تطيح الطوائح (2) اي المطاوح، وقال قتادة وإبراهيم والضحاك: معنى هذا القول: ان الرياح تلقح السحاب الماء. وقال ابن مسعود: إنها لاقحة يحملها الماء، ملقحة بإلقائها إياه إلى السحاب.
وقوله " فأنزلنا من السماء ماء " يعني غيثا ومطرا " فأسقيناكموه " اي جعلته سقيا، لأرضكم تشربه، يقال: سقيته، فيما يشربه، تسقيه وأسقيته فيما تشربه ارضه، وقد تجئ أسقيته بمعنى سقيته، كقوله تعالى " نسقيكم مما في بطونه من بين فرت ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين " (3)، وقال ذو الرمة:
وقفت على ربع لمية ناقتي * فمازلت أبكى عنده وأخاطبه واسقيه حتى كاد مما أبثه * تكلمني أحجاره وملاعبه (4) اي ادعو له بالسقيا. " وما أنتم له برازقين " اي لستم تقدرون ان ترزقوا أحدا ذلك الماء، لولا تفضل الله عليكم. ثم اخبر تعالى انه هو الذي يحيي الخلق إذا شاء وكان ذلك صلاحا لهم، ويميتهم إذا أراد وكان صلاحهم، وانه هو الذي يرث الخلق، لأنه إذا افنى الخلق ولم يبق أحد كانت الأشياء كلها راجعة إليه ينفرد بالتصرف فيها وكان هو الوارث لجميع الاملاك.