لو يشاء الله لهدى الناس جميعا ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد) (33) آية بلا خلاف.
هذه الآية تتضمن وصف القرآن بغاية ما يمكن من علو المنزلة وبلوغه أعلى طبقات الجلال، لأنه تعالى قال " لو أن قرآنا سيرت به الجبال " من مواضعها وقلعت من أماكنها لعظم محله وجلالة قدره. والتسيير تصيير الشئ بحيث يسير، تقول سار يسير سيرا، وسيره غيره تسييرا. " أو قطعت به الأرض " لمثل ذلك.
والتقطيع تكثير القطع.، قطعه قطعة، وقطعه تقطيعا. والقطع فصل المتصل " أو كلم به الموتى " لمثل ذلك حتى يعيشوا أو يحيوا، تقول: كلمه كلاما، وتكلم تكلما، والكلام ما انتظم من حرفين فصاعدا من الحروف المعقولة إذا وقع ممن يصح منه أو من قبيلة، لإفادة. و (الموتى) جمع ميت مثل صريع وصرعى، وجريح وجرحى. ولم يجئ جواب (لو) لدلالة الكلام عليه، وتقديره: لكان هذا القرآن لعظم محله في نفسه وجلالة قدره. وكان سبب ذلك أنهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم ان يسير عنهم جبال مكة لتتسع عليهم المواضع، فأنزل الله تعالى الآية، وبين انه لو سيرت الجبال بكلام، ليسرت بهذا القرآن لعظم مرتبته وجلالة قدره. وقد يحذف جواب (لو) إذا كان في الكلام دلالة عليه، قال امرؤ القيس:
فلو انها نفس تموت سوية * ولكنها نفس تساقط أنفسا (1) وهو آخر القصيدة، وقال الآخر:
فأقسم لو شئ اتانا رسوله * سواك ولكن لم نجد لك مدفعا (2) وقال الفراء: يجوز أن يكون جوابه لكفروا بالرحمن) لتقدم ما يقتضيه،