دخل بها أو لم يدخل، ويدخل في ذلك نساء الأجداد وإن علوا، من قبل الأب والام بلا خلاف. وقوله: " إلا ما قد سلف " استثناء منقطع، وتقديره: لكن ما سلف لا يؤاخذكم الله به، وليس المراد أن ما سلف حال النهي تجوز استدامته، بلا خلاف. وقيل إن إلا بمعنى سوى. وقوله: " وأن تجمعوا " (أن) في موضع الرفع، والتقدير: حرمت عليكم هذه الأشياء، والجمع بين الأختين، وكل من حرمه الله في هذه الآية فإنما هو على وجه التأييد، مجتمعات ومنفردات، إلا الأختين فإنهما تحرمان على وجه الجمع دون الانفراد.
ويمكن أن يستدل بهذه الآية على أنه لا يصح أن يملك واحدة من ذوات الأنساب المحرمات، لان التحريم عام، وبقوله صلى الله عليه وآله " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " على أنه لا يصح ملكهن من جهة الرضاع، وإن كان فيه خلاف. وأما المرأة التي وطؤها بلا تزويج، ولا ملك، فليس في الآية ما يدل على أنه يحرم وطي أمها وبنتها، ولان قوله: " وأمهات نسائكم " وقوله: " من نسائكم اللاتي دخلتم بهن " يتضمن إضافة الملك، إما بالعقد أو بملك اليمين، فلا يدخل فيه من وطأ من لا يملك وطأها، غير أن قوما من أصحابنا ألحقوا ذلك بالموطوءة بالعقد والملك بالسنة والاخبار المروية في ذلك، وفيه خلاف بين الفقهاء.
وأما الرضاع فلا يحرم عندنا إلا ما كان خمس عشرة رضعة متواليات، لا يفصل بينهن برضاع امرأة أخرى، أو رضاع يوم وليلة، أو ما أنبت اللحم وشد العظم.
وفي أصحابنا من حرم بعشر رضعات. ومتى دخل بين الرضاع رضاع امرأة أخرى، بطل حكم ما تقدم. وحرم الشافعي بخمس رضعات، ولم يعتبر التوالي. وحرم أبو حنيفة بقليله وكثيره، وهو اختيار البلخي. وفي أصحابنا من ذهب إليه.
واللبن عندنا للفحل، ومعناه إذا أرضعت امرأة بلبن فحل لها صبيانا كثيرين، من أمهات شتى، فإنهم جميعهم يصيرون أولاد الفحل، ويحرمون على جميع أولاده الذين ينتسبون إليه ولادة ورضاعا، ويحرمون على أولاد المرضعة الذين ولدتهم، فأما