البلخي: وهذا لا يجوز بالاجماع. والهاء في قوله: " إنه كان فاحشة " يحتمل أن تكون عائدة إلى النكاح بعد النهي، ويحتمل أن تكون عائدة على النكاح الذي كان عليه أهل الجاهلية قبل، ولا يكون ذلك إلا وقد قامت عليهم الحجة بتحريمه، من جهة الرسل، فالأول اختاره الجبائي، وهو الأقوى، وتكون " إلا ما قد سلف " فالسلامة منه الاقلاع عنه بالتوبة والإنابة، قال البلخي: وليس كل نكاح حرمه الله زنا، لان الزنا هو فعل مخصوص، لا يجري على طريقة لازمة، وسنة جارية، ولذلك لا يقال للمشركين في الجاهلية: أولاد زنا، ولا لأولاد أهل الذمة والمعاهدين: أولاد زنا، إذا كان ذلك عقدا بينهم يتعارفونه.
اللغة، والاعراب، والمعنى:
والمقت، هو بغض عن أمر قبيح ركبه صاحبه، وهو مقيت، وقد مقت إلى الناس مقاتة، ومقته الناس مقتا، فهو ممقوت. وقيل إن ولد الرجل من امرأة أبيه كان يسمي المقتي، قال المبرد: كان زائدة، والتقدير: إنه فاحشة. وقال الزجاج: هذا ليس بصحيح، لأنها لو كانت زائدة مل تعمل، كما قال الشاعر:
فكيف إذا حللت ديار قوم * وجيران لنا كانوا كرام لما كانت زائدة لم تعمل في الخبر. قال الرماني: هي كقوله " وكان الله غفورا رحيما " فدخلت كان لتدل على أنه قبل تلك الحال كذا، وقال الجبائي:
معناه أنه كان فيما مضى أيضا فاحشة ومقتا، وكان قد قامت الحجة عليهم بذلك. وكل من عقد عليها الأب من النساء تحرم على الابن، دخل بها الأب، أو لم يدخل، بلا خلاف، فان دخل بها الأب على وجه السفاح فهل تحرم على الابن ففيه خلاف، وعموم الآية يقضي بأنها تحرم عليه، لان النكاح يعبر به عن الوطي، كما يعبر به عن العقد، فيجب أن يحمل عليهما، وامرأة الأب وإن علا تحرم على الابن وإن نزل، بلا خلاف. وقوله: " وساء سبيلا " أي قبح ذلك السبيل الذي سلكوه سبيلا، وهو نصب على التمييز.