وقال بعضهم: ان معنى الروح - هاهنا - القوة التي كان بها يحيي الموتى قال الراجز:
إذ عرج الليل بروح الشمس وقال قوم: معنى الروح هاهنا جبرائيل. قالوا: والروح معطوفة به على ما في قوله من ذكر الله تعالى. والمعنى ان القاء الكلمة إلى مريم كان من الله تعالى.
ثم من جبرائيل. وقوله: " فامنوا بالله ورسله " امر من الله إياهم بتصديق الله تعالى، والاقرار بوحدانيته، وتصديق رسله فيما جاؤوا به من عند الله، وفيما اخبرهم به أن الله لا شريك له، ولا صاحبة ولا ولدا.
وقوله: " ولا تقولوا ثلاثة انتهوا " نهي لهم عن أن يقولوا الأرباب ثلاثة، وإنما رفع ثلاثة بمحذوف دل عليه ظاهر الكلام. وتقديره ولا تقولوا: هم ثلاثة.
وإنما جاز ذلك، لان القول حكاية ومثل ذلك قوله: " سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم " (1) وكذلك كلما ورد من مرفوع بعد القول لا رافع معه ففيه اضمار اسم رافع لذلك الاسم، ثم قال متوعدا لهم على عظيم قولهم الذي قالوه في الله: انتهوا أيها القائلون الله ثالث ثلاثة عما تقولون من الزوج والشرك بالله، والانتهاء عن ذلك خير لكم من قولكم لما لكم عند الله من العقاب العاجل لكم على قولكم ذلك ان أقمتم عليه، ولم ترجعوا إلى الحق.
ووجه النصب في " انتهوا خير لكم " ما قلناه في قوله آمنوا خيرا لكم، فلا وجه لإعادته.
وقوله: " إنما الله اله واحد " معناه الاخبار من الله (تعالى) ان الذي يحق له العبادة واحد، لان من كل له ولد، لا يكون آلها وكذلك من كان له صاحبة لا يجوز أن يكون إلها معبودا، ولكن الله الذي له الألوهية والعبادة إله واحد، ومعبود واحد لا ولد له، ولا والد، ولا صاحبة، ولا شريك، ثم نزه تعالى نفسه وعظمها ورفعها عما قاله المبطلون الكافرون فقال: " سبحانه أن يكون