وكان من الجايز ان يهمل الله عباده ويذرهم كالانعام وان كانوا عقلاء كاملين ولا يثيبهم بالجنان فتعريضهم لذلك وتشريفهم بالخطاب والتكليف تفضل وأيضا لما أكملهم بالعقول جاز ان يكلفهم بقضايا من غير ارسال رسول يؤيدها وينبهها واما وجوب الارسال لحفظ نظام النوع لكون الانسان بالطبع مدينا مع نزوع كل إلى ما يشتهيه والانطباع على الغضب على من يدافعه وتأدى ذلك إلى القتال فليس الا وجوبا للحفظ ولو كان يدعهم يتسائلون ويتدافعون لم يلزم محال مع امكان خلقهم مطبوعين على التالف بل مبرائين من الشهوة والغضب وكل من خلق الشهوة والغضب فيهم وحفظ نظامهم تفضل منه تعالى والمنعم على على عباده بالتكليف المؤدى إلى أحسن الجزاء والكلام فيه كما فيما تقدم على أن الانعام قد يكون واجبا وفى وصف التكليف بالتأدية إلى أحسن الجزاء دلالة على غايته والعلة في صدوره عنه تعالى وفى كونه نعمة رافع درجات العلماء كما قال هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون انما يتذكروا ولوا الألباب وقال يرفع الله الذين امنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ومفضل مدادهم على دماء الشهداء فقد ورد انه يوزن يوم القيمة مداد العلماء ودماء الشهداء فيرجح مداد العلماء على دماء الشهداء أو جاعل اقدامهم واطئة على أجنحة ملائكة السماء فقد ورد في الاخبار ان الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم يطأها رضى به واما كون الملائكة ملائكة الأرض أو السماء فغير مفهوم من الاخبار ويمكن ان (يق) ملائكة السماء لملائكة الأرض لتمكنهم من العروج إليها ولعله (ره) رأى من الاخبار ما ينص على ملائكة السماء أحمده على كشف البأساء وهي الجهل والضلال والفساد بارسال الرسل ونصب الأوصياء والتكليف ورفع الضراء وهي أنواع العذاب والخزي في الدارين بذلك مع التوفيق للاهتداء قيل ويمكن ان يريد بالأولى الجهل البسيط وبالثانية المركب واشكره في حالتي الشدة والرخاء فان الشدة في نفسها نعمة عظيمة على المؤمن يكفر ذنوبه و يعظم له الاجر إذا صبر مع أنه تعالى حينها لم يسلبه نعمة رأسا بل له عليه من النعم مالا يحصى ولا يبلغ للعبد إذا سلبه الله نعمة ان يكفر بغيرها وصلى الله على سيد الأنبياء محمد المصطفى صرح باسمه مع ظهوره تبركا واستلذاذ وعترته الأصفياء وهم الأئمة الاثني عشر صلوات الله عليهم كما وردت به الاخبار وقد ذكرت في معاني الأخبار وغيره لتسميتهم بالعترة وجوه لا يهمنا التعرض لها هنا صلاة تملأ أقطار الأرض والسماء هذه عبادة يذكر للمبالغة في كثرة الشئ وان لم يكن من الأجسام أي رحمهم وبارك عليهم رحمه وبركة بالغة في الكثرة منتهاها أو (يق) الرحمة عليهم تتضمن رحمة ساير الخلق من الثقلين والملائكة وغيرهم لأنهم رحمة للعالمين فهذا معنى انها تملأ الأقطار اما بعد فهذا كتاب قواعد الأحكام في معرفة الحلال والحرام فان قواعد الأحكام الشرعية كلها ترجع إلى حلال الفعل أو الترك أو حرام الفعل أو الترك لحظت فيه لب الفتاوى فتاوى الأصحاب أو فتاوى أي نبتها بيانا واضحا مع حذف الزوائد خاصة أي لم أتعرض للأدلة أو لغير فتاوى من الأقوال أي لم أصرح بذلك وان شارا وأومأ إليها الا نادرا ولا ينافيه اشتماله على الترددات الإضافية الحصر مع أن التردد ربما أفاد الافتاء بكل من الاحتمالين على التخيير و بنيت فيه قواعد احكام الخاصة أي الامامية فإنهم خواص الناس بالله ورسوله والأئمة (ع) ولقلتهم وكثرة غيرهم أضعافا لا يحصى وكل أهل الحق منذ خلق الله الناس قليل ما هم إجابة لالتماس أحب عامة الناس إلى وأعرفهم على فلا يلزم رجحية على النبي صلى الله عليه وآله والأئمة (ع) فيردان في الخبر لا يكمل ايمان المؤمن حتى يكون الله ورسوله أحب إليه من نفسه وولده وهو الولد العزيز أبو طالب فخر الدين محمد الذي أرجو من الله طول عمره بعدي وان يوشدني في لحدي والمراد به اما ظاهره ويكون مستثنى من دخول ذي الرحم القبر كما قيل وبه خبر الغبرى؟ عن الصادق (ع) لا يدفن الأب ابنة ولا باس ان يدفن الابن أباه وخبر عبد الله بن راشد عنه (ع) ان الرجل ينزل في قبر والده ولا ينزل في قبر ولده أو المراد البقاء بعده فيكون تأكيدا لما قبله أو الترحم عليه والدعاء له فيكون ما بعده تفسيرا وتأكيدا له وان يترحم على بعد مماتي كما كنت أخلص له من الدعاء في خلواتي ان كانت من بيانيته كان المعنى ترحما مخلصا كما كنت أخلصه له من الدعاء والا فللتبعيض وما في كما كافة أو يترحم على كما كنت أو مخلصا فيه كما كنت أخلص فيه من الدعاء خص به وأخلص له بعض الدعاء رزقه الله سعادة الدارين وتكميل الرياستين في الدارين أو في العلم والعمل فإنه بر بي في جميع الأحوال مطيع لي في الأقوال والافعال أي انما كنت أخلص له الدعاء لأنه كذا وانما دعو له الان بسعادة الدارين وكمال الرياستين لأنه كذا قال فخر الاسلام لما اشتغلت على والدي قدس الله روحه في المعقول والمنقول وقرات كثيرا من كتب ا صحابنا التمست منه ان يعمل كتابا في الفقه جامعا لأسراره وحقايقه يتبنى مسائله على علمي الأصولين والبرهان وان يشير عند كل قاعدة إلى ما يلزمهما من الحكم وان كان قد ذكر قبل ذلك معتقده وفتواه وما لزمه من نص على قاعدة أخرى وفحواها لتنبيه المجتهد على أصول قواعد الأحكام وقاعد مبادئ الحلال والحرام فقد يظن كثير من الجهال المقلدين بتناقض قواعد الأحكام فيه ولم يعلموا انهم لم يفهموا من كلامه حرفا واحدا كما قيل وقل الشعر الجيد من رواة السوء انتهى وقد يستبعد اشتغاله قبل تصنيف هذا الكتاب في المعقول والمنقول والتماس تصنيف كتاب صفته كذا وكذا لأنه ولد سنة اثنتين وثمانين وستمائة وقد عدا المصنف الكتاب في مصنفاته في الخلاصة وذكر تاريخ عدة لها وانه سنة ثلث وتسعين وستمائة وفى بعض النسخ سنة اثنتين وتسعين فكان له من العمر عند اتمام الكتاب إحدى عشرة أو عشرا أو أقل فضلا عما قبله ولكن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء وقد فرغت من تحصيل العلوم معقولها منقولها ولم أكمل ثلث عشرة منته وشرعت في التنصيف ولم أكمل إحدى عشرة وصنفت منية الحريص على فهم شرح التلخيص ولم أكمل خمس عشرة سنة وقد كنت عملت له من كتبي ما ينيف على عشرة من متون وشروح وحواشي كالتلخيص في البلاغة وتوابعها والزبدة في أصول الدين والخرز البديعة في أصول الشريعة وشروحها والكاشف حواشي شرح عقايد النفسية وكنت ألقى من الدروس وانا ابن ثمان سنين شرح التلخيص للتفتازاني مختصره ومطوله هذا مع احتمال الحاق اسم الكتاب بما في الخلاصة بعد سنين من تأليفها والله المستعان وعليم التكلان وقد رتبت هذا الكتاب مشتملا أو مبينا على عدة كتب هي أحد وعشرون كتاب الطهارة فيه مقاصد عشرة الأول في المقدمات وفيه فصول ثلاثة الأول في تعديد أنواعها وقدم عليه تعريفها فقال الطهارة غسل بالماء أو مسح بالتراب أي الأرض دخل الحجر واو للتقسيم؟ أو بمعنى الواو والباء فيهما للالصاق والآلة في الأول دون الثاني لعدم اشتراط امساس أعضاء التيمم بالأرض وهما كجنسين يشملان ما تعلو بهما بالبدن وبغيره ماله صلاحية التأثير في العبادة وغيره فقال متعلق بالبدن وهو كفصل يخرج غسل غيره ومسحته للتطهير من الأخباث ولغيره على وجه أي الغسل أو المسح أو التعلق بالبدن على وجه له أي للتعلق وان تعلق الجار بالغسل أو المسح أو لكل منهما وان تعلق بالتعلق صلاحيته التأثير في تحصيل العبادة المشروطة به أو كمالا أو تصحيحها حتى يكون تلك العبادة المشروعة أو تكميلها كالطهارة لصلاة الجنازة أو لقراءة وزيارة المقابر والاحرام ودخول الحرم وغيرها وان لم
(٧)