هذا الكتاب الموسوم بكشف لثام الابهام في شرح قواعد الأحكام للامام الهمام العالم الألمعي والمحقق اليلمعي الفاضل الأصفهاني الشهير بالفاضل الهندي رحمة الله عليه وعلى سائر الفقهاء الكرام و العلماء الأعلام بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي شرع لنا الدين ورفع قواعده وسهل شرائعه وموارده وأوضح مناهجه ومعاهده واحكم احكامه وعظم مشاعره ومشاهده ورفع قصوره وبين ظهوره فضرب الأرض بجرانه وسطع الأنام ببرهانه وفصح لسانه واتضح بيانه وأشرق زمانه وطربت ألحانه وامتلأت دنانه وامتدت أشطانه واشتدت أطنانه واعتلى بنيانه واعتمرت أركانه وامتنعت حصونه وارتفعت شؤونه واقتوت أشجاره وارتوت أزهاره وبسقت نخيله وسهلت سبيله وساغ سلسبيله وتفرعت أغصانه و تشعبت أفنانه وتطاولت أشجانه وعلا مناره وجلا نهاره وحلا ثماره ولان شعاره وراق دثاره وزخرت بحاره وتضاعفت أنواره والصلاة على خير من انبعثه من الأنبياء وأفضل من اختاره من ذواته العليا أقدمهم نبوة وأعظمهم فتوة وآكدهم مروة وأسماهم سموا وأعلاهم علوا ومن تلاه من شهوده تلوا ويألو في اعلاء الدين ألوا ما زينت السماء بنجومها وصينت برجومها ودارت بأيامها وساوت بأعوامها وماحدت الأرض بنجومها وانطبعت برسومها ووتدت بأوتادها وأقمت بأطوادها اما بعد فهذا ما اشتدت أشواقكم إليه وقصرت هممكم عليه وعكفت قلوبكم لديه وطال ما ظلتم ملحين فيه على مائلين له بين يدي صافين لاجتنا ثمر الاسعاف حوالي مستمطرين وبلى مستمسكين بذيلي مستنفرين لرجلي وخيلي مستدرين طبعي مستبذلين وسعى من كشف لثام الابهام وظلام الأوهام عن وجوه خرائد قواعد الأحكام لشيخنا الامام الهمام علامة علماء الاسلام رضوان الله عليه وعلى سائر علمائنا الكرام على غاية من الايجاز لا بحيث ينتهى إلى الألغاز وادراج في يسير من الألفاظ معاني طويل الذيول والاعجاز مع استيفاء للأقوال وما استندت إليه وإبانته عما ينبغي التعويل عليه وتنقيح للمسائل وتهذيب للدلائل واجتلاء للعقائل واقتناء للحضائل وهتك للخدور ورفو للفطور وجبر للكسور وشرح للصدور وتكميل غر القصور وتقوية غر الفتور وتسهيل للوجود ورياضة للضغاب وتقوم للشعاب وهداية للصواب في كل باب وابتدأت بالنكاح وانتهينا إلى اخر الكتاب لما لم يتفق لتلك الكتب شرح يكشف عنها النقاب ويرفع عن معضلاتها الحجاب فخان الان ان اخذ في شرح الصدر بشرح الصدر وباتمام البدر كما يتم القمر في منتصف الشهر مستعينا بالله متوكلا عليه مستمحيا من فضله التوفيق للاكمال مبتهلا إليه قال المصنف رفع الله مقامه وضاعف اكرامه بسم الله الرحمن الرحيم أصنف واكتب أو أشرع فيه أي متلبسا أو مصحوبا به أي ذاكرا له لو بالاستعانة به كأنه لا يتيسر بدون ذكره كما لا يتيسر بدون القلم وقد أراد بالأسماء الثلاثة المسمى أي باسم هذا الذات الذي كذا وكذا أي الذات الموسوم بالله الموصوف بالرحمن الرحيم ولكن ذكرها اغنى عن ذكر اسم اخر فهي باعتبار المسمى عن مدلول الكلام وباعتبار أنفسها مصداق مدلوله ويحوز ان لا يراد بها الا الألفاظ ويكون إضافة اسم إليها كما في يوم الأحد وشجر الادراك فإنه اسم جنس يشمل ما فوق الواحد ويجوز ان يراد بالله الذات وبالآخرين اللفظ وعلى الأول فالمحققون على أن الرحمن أيضا اسم الذات كالله وان لفظه هنا بدل من الله ولذا قدم على الرحيم لكونه صفة فاندفع السؤال عن جهة تقديمه مع أنه أبلغ الحمد لله يحتمل الاخبار عن كونه محمودا وعن حمده له والانشاء لحمده على سوابغ النعماء نوامها واسعاتها والنعماء مفرد كالنعمة وبمعناها وترادف الآلاء وهي جمع إلى بمعنى النعمة ولم يظهر لي فرق بينهما وان قيل باختصاص الآلاء بالنعم الباطنة ومع الترادف لا اتحاد بين القرينتين فإنه حمده على نفس النعم ثم على ترادفها ثم ذكر أعاظم النعم المترادفة المشعرة بما يسبقها من نعم الوجود والعقل والفهم والقدرة والقوة فان ذكر النعم من الشكر عليها وفيه تذكيرا للغير وحثا له على الشكر فقال المتفضل يحتمل الوصف والقطع أي هو المتفضل يحتمل الوصف والقطع أي هو المتفضل أو لعينه أو أخصه بارسال الأنبياء لارشاد الدهماء أي جماعة الناس أو الثقلين إلى مالا يبلغه عقولهم أو ضلوا عنه والمتطول بنصب الأوصياء للأنبياء لتكميل الأولياء أي أولياء الأنبياء أو الأوصياء فإنهم اخذوا أصل الدين من الأنبياء وتكملهم الأوصياء بالتفهيم والتفريع وتعليم ما لم يأخذه منهم ولذا ذكر التكميل وقد سال رحمه الله عن ذكر التفضل والتطول مع وجوبهما على الله عندنا فأجاب بأنهما يتوقفان على الخلق والاقدار وتكميل العقول لينتفعوا بهما ويستاهلوا للنعيم المقيم ورفع الدرجات وكل ذلك تفضل منه تعالى وتطول فيهما كذلك وان وجبا بعد ذلك فكأنه قيل إنه تعالى تفضل بالتأهيل لارسال الرسل إليهم ونصب الأوصياء لهم ويمكن بالجواب بان الارسال انما يجب للتعريض للثواب والتحذير من العقاب
(٦)