والايذاء بالقول والفعل حيث يمكن، وكل هذه الأمور بعض نتائج الحقد.
وأقل درجات الحقد مع الاحتراز عن هذه الآفات المحرمة أن تستثقله في الباطن، ولا تنهى قلبك عن بغضه حتى تمتنع عما كنت تتطوع به من البشاشة والرفق والعناية، والقيام على بره ومواساته، وهذا كله ينقص درجتك في الدين، ويحول بينك وبين فضل عظيم وثواب جزيل، وإن كان لا يعرضك لعقاب.
واعلم أن للحقود عند القدرة على الجزاء ثلاثة أحوال: أحدها أن يستوفي حقه الذي يستحقه من غير زيادة ولا نقصان، وهو العدل، والثاني أن يحسن إليه بالعفو، وذلك هو الفضل، والثالث أن يظلمه بما لا يستحقه، وذلك هو الجور، وهو اختيار الأرذال، والثاني هو اختيار الصديقين، والأول هو منتهى درجة الصالحين.
فليتسم المؤمن بهذه الخصلة إن لم يمكنه تحصيل فضيلة العفو التي قد أمر الله تعالى بها، وحض عليها رسوله والأئمة عليهم السلام: قال الله تعالى: خذ العفو... 1 الآية.
وقال تعالى: وأن تعفوا أقرب للتقوى. 2 وقال رسول الله صلى الله عليه وآله:
ثلاث - والذي نفسي بيده - إن كنت لحالفا 3 عليهن: ما نقصت صدقة من مال فتصدقوا، ولا عفا رجل عن مظلمة يبتغي بها وجه الله تعالى إلا زاده الله تعالى بها عزا يوم القيامة، ولا فتح رجل باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر. 4 وقال صلى الله عليه وآله:
التواضع لا يزيد العبد إلا رفعة، فتواضعوا يرفعكم الله، والعفو لا يزيد العبد إلا عزا، فاعفوا يعزكم الله، والصدقة لا تزيد المال إلا كثرة، فتصدقا يرحمكم الله. 5