لكن يجب على المعلم إذا أشعر من المتعلم فساد النية أن يستدرجه بالموعظة الحسنة، وينبهه على خطر العلم الذي لا يراد به الله، ويتلو عليه من الأخبار الواردة في ذلك حالا فحالا، حتى يقوده إلى القصد الصحيح، فإن لم ينجع ذلك، ويئس منه قيل يتركه حينئذ ويمنعه من التعلم، فإن العلم لا يزيده إلا شرا. وإلى ذلك أشار علي عليه السلام بقوله:
لا تعلقوا الجواهر في أعناق الخنازير 1.
وعن الصادق عليه السلام قال:
قام عيسى بن مريم عليهما السلام خطيبا في بني إسرائيل، فقال: يا بني إسرائيل لا تحدثوا الجهال بالحكمة فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم 2.
ولقد أحسن القائل:
ومن منح الجهال علما أضاعه * ومن منع المستوجبين فقد ظلم 3 وفصل آخرون 4 فقالوا: إن كان فساد نيته من جهة الكبر والمراء ونحوهما، فالامر كذلك، وإن كان من جهة حب الرئاسة الدنيوية، فينبغي مع اليأس من إصلاحه أن لا يمنعه، لعدم ثوران المفسدة وتعديها، ولأنه لا يكاد يخلص من هذه الرذيلة أحد في البداية، فإذا وصل إلى أصل العلم عرف أن العلم إنما يطلب للسعادة الأبدية بالذات، والرئاسة لازمة له قصد أم لم يقصد.