شروط واثنتي عشرة آفة ليراعي المناظر شروطها، ويحترز عن آفاتها ثم يستدر فوائدها من الرغبة في العلم وتشحيذ الخاطر، فإن كان غرضك أنه ينبغي أن يرخص في هذه الآفات، وتحتمل بأجمعها لأجل الرغبة في العلم وتشحيذ الخاطر، فبئس ما حكمت، فإن الله تعالى ورسوله وأصفياءه رغبوا الخلق في العلم بما وعدوا من ثواب الآخرة لا بالرئاسة.
نعم الرئاسة باعث طبيعي، والشيطان موكل بتحريكه والترغيب فيه، وهو مستغن عن نيابتك عنه ومعاونتك.
واعلم أن من تحركت رغبته في العلم بتحريك الشيطان، فهو ممن قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وآله:
إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر، 1 وبأقوام لا خلاق لهم، 2 ومن تحركت رغبته بتحريك الأنبياء عليهم السلام وترغيبهم في ثواب الله تعالى، فهو من ورثة الأنبياء وخلفاء الرسل وأمناء الله تعالى على عباده.
وأما تشحيذ الخاطر فقد صدقت، فليشحذ الخاطر وليجتنب هذه الآفات التي ذكرناها، فإن كان لا يقدر على اجتنابها فليتركه، وليلزم المواظبة على الطعم وطول التفكر فيه وتصفية القلب عن كدورات الأخلاق، فإن ذلك أبلغ في التشحيذ، وقد تشحذت خواطر أهل الدين بدون هذه المناظرة.
والشئ إذا كانت له منفعة واحدة وآفات كثيرة، لا يجوز التعرض لآفاته لأجل تلك المنفعة الواحدة، بل حكمه في ذلك حكم الخمر والميسر، قال الله تعالى: