إجماعا. وهل يحكم بإيمان المقلد لأهل الحق ويبقى مخاطبا بالاستدلال، كما هو مخاطب بسائر الواجبات؟ الذي يظهر لي ذلك.
وأما الضروريات من السمعيات فلا يتصور التقليد فيها لمن بلغت عنده ذلك الحد، نعم لو لم يعلم الضرورة احتاج إليه. وهل يصح في غيرها لغير القادر على الاستدلال؟ المشهور ذلك، فالقول بوجوبه على الأعيان نادر. نعم يجب الاجتهاد في معرفة المجتهد على الأعيان، ليقع التقليد موقعه، ويكتفي العامي برؤيته منتصبا للفتوى مع إقبال الناس على الأخذ عنه.
وهل يصح التقليد للقادر على الاستدلال؟ إشكال.
ولا يجوز الحكم والفتوى لغير جامع الشرائط إجماعا منا، وهي: الإيمان، والعدالة، والتمكن من أخذ الحكم عن الأصول الشرعية. وهل يجوز الفتوى بما يحكى عن المجتهد؟ الأقوى المنع، سواء أخذ عن حي أو ميت. نعم يجوز له أن يحكي ما سمعه عن الحي على جهة الرواية ليعمل به المحكى له، ولا يتصرف تصرف المفتي.
وأما العمل بما يحكى عن الميت فغير جائز قطعا، لأن الميت لا قول له، نعم تجوز حكايته ليعرف مذهبه. وهل يجوز خلو الوقت عن المجتهد؟ خلاف أصولي.
والفرق بين الفتوى والحكم بعد اتفاقهما في مطلق الأخبار عن الله: أن الفتوى إخبار خاص عن أمر خاص لحكم كلي اجتهادي، والحكم إنشاء إطلاق أو إلزام في الاجتهادي وغيره مع تقارب المدارك، مما يقع فيه تنازع لمصالح المعاش.
فخرج بالإنشاء الفتوى، لأنها أخبار مجردة عن نوعي الحكم، وبتقارب المدارك الضعيف فيها جدا، لجواز نقضه وإن حكم به، وبمصالح المعاش العبادات، فلا يدخلها الحكم، لأنه لا يرفع الخلاف فيها، ولا كذلك الفتوى لشمولها لأنواع الفقه. أما لو تعلق الحكم بها: فإن اتصل به تصرف رفع، وإلا كان فتوى مجردة.