منها غلته درهم فقيمته أربعة دراهم وأبو جعفر يقول: ان غلات الضياع بعد الخراج خمسة وعشرون ألف دينار وانه يضمنها بذلك حاصلا خالصا بعد الخراج والمؤن ويقيم بذلك كفلاء فاشترها منه بمائتي ألف دينار كملا ويحصل لعقبك ملك جليل مع هذا، وهو يؤدى باقي المصادرة الأولى، وتصير ضامنا لضيعته فادفع ذلك إليك أيضا. ومن ساعة إلى ساعة فرج وأنا أحتال بحيلة في أن يكون الكتاب عندي فلا أسلمه إليه فلعل حادثه تحدث وترجع إليك ضيعتك، وتكون بالعاجل قد تخلصت وسلم دمك في أربع سنين.
قال: فعلمت أنه قد نصحني وآثر خلاصي وأجبت فدخل إلى بحكم ولم يزل معه في محادثات إلى أن تقرر الامر على ما قاولني عليه وأحضر الشهود وكتب على الكتاب بالابتياع والكتاب بالإجارة وقال لي: الوجه أن تقيم كفلاء ببقية المصاردة الأولى فقد استأذنته في صرفك إلى منزلك، وإذا انصرفت فانضم ولا يراك أحد، وكن متحذرا ولا تظهر أنك مستتر فتغريه بك. قال: فشكرته وأقمت الكفلاء بالمال إلى أيام معلومة فصرفني فعدت إلى داري وكنت متحذرا اجلس في كل يوم فيدخل إلى بعض الناس بمقدار ما يعلم أنى في داري فإذا كان نصف النهار خرجت إلى منازل إخواني وأقمت يوما عند هذا ويوما عند الآخر وراعيت أخبار داري أتوقع أن يجيئها من يكبسها فيطلبني فأكون بحيث لا يعرف خبري فأنجو فطال ذلك والسلامة مستمرة، وانحدر بحكم إلى واسط فآنست بالجلوس والاستقرار في داري فلما كان في بعض الأيام ضاق صدري ضيقا لا أعرف سببه واستوحشت وفكرت في أمرى وقلت إن كبست على غفلة فماذا أصنع؟ قال: وكان لداري أربعة عشر بابا إلى أربعة عشر سكة وشارعا وزقاقا نافذا ومنها عدة أبواب لا يعرف جيرانها أنها تفضى إلى داري وأكثرها عليه الأبواب الجديدة. قال: فترآ لي أن أرسلت لغلماني المقاتلة، وكانوا متفرقين عنى قد صرفتهم لئلا يصير لي حديث فجاؤني واجتمع منهم ومن أولادهم نحو ثلاثمائة غلام فقلت لهم إذا كان الليلة فاحضروا جميعا بسلاحكم وبيتوا عندي ليلا وأقيموا نهارا إلى أن أدبر أمرى. قال: ففعلوا ذلك وفرقتهم في الحجر