تاجر يعرف بجعفر بن محمد فكنت آنس به يحدثني قال: كنت أحج دائما وأنزل بالكوفة على رجل حسيني فقير مستور فألطفه وافتقده فتأخرت عن الحج سنة ثم عدت فوجدته مثريا فسألته عن سبب غنائه فقال: كان قد اجتمع معي دريهمات على وجه الدهر ففكرت عام أول في أن أتزوج فإني كنت عزبا كما علمت، ثم قلت على فرض الحج قد تعين على فرأيت أن أقدم أداء الفروض وأتوكل ان الله تعالى إن سهل لي بعد ذلك ما أتزوج به.
فلما حججت طفت طواف الدخول فأودعت رحلي وما كان معي بيتا من خان وقفلت بابه وخرجت إلى منا، فلما عدت وجدت الباب مفتوحا فارغا فتحيرت ونزلت بي شدة ما رأيت مثلها قط. فقلت هذا أمر عظيم لثوابي فما وجه الغم، واستسلمت لأمر الله تعالى وجلست في البيت لا حيلة لي ولا تطيب نفسي بالمسألة فاتصل مقامي ثلاثة أيام ما طعمت فيها شيئا فلما كان في اليوم الرابع بدا بي الضعف سحرا، وخفت على نفسي وذكرت قول جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ماء زمزم لما شرب له. فخرجت حتى شربت منها ورجعت لأريد الباب باب إبراهيم لأستريح فيه، وكان في الطريق بقية من سدفة فعثرت في الطريق بشئ أوجع أصبعي فانكببت عليه لأمسكه فوقعت يدي على هميان ادم أحمد كبير فأخذته فلما حصل في يدي ندمت وعلمت أن اللقطة حرام، وقلت إن تركته الآن كنت المضيع له، وقد لزمني أن أعرفه ولعل صاحبه إذا رجع إليه أن يهب لي شيئا أقتاته حلالا. فجئت إلى بيتي وحللته في المصباح فإذا هي دنانير صفر تزيد على ألف دينار فشددته ورجعت إلى المسجد وجلست على الحجر وناديت من ضاع منه شئ فليأتني بعلامته ويأخذه. فانقضى يومى أنادى ما جاءني أحد، وأنا على حالي في الجوع وبت في بيتي ليلتي كذلك، وغدوت إلى الصفا والمروة فعرفته عندهما يومى حتى كان ينقضى فلم يأتني أحد فضعفت ضعفا شديدا فخشيت على نفسي فرجعت متحاملا مقبلا حتى جلست على باب إبراهيم فقلت قبل انصراف الناس قد ضعفت عن الصياح، وأنا ماض اجلس على باب إبراهيم فمن رأيتموه يطلب شيئا قد ضاع منه فارشدوه إلى، فلما قربت المغرب وأنا في