ما حذفني في هذه الليلة إلا الجن، ففطنت بثينة أن جميلا فعل ذلك فقالت لربتها الا فانصرفي يا أخية إلى منزلك حتى تنامى فانصرفت وبقت مع بثينة أم الحسين ويروى أم اليسير بنت منظور وكانت لا تكتمها فقامت إلى جميل فأدخلته الخباء معها وتحدثوا جميعا ثم اضطجعوا وذهب بهم النوم حتى أصبحوا وجاءها غلام زوجها بصبوح من اللبن بعث به إليها فرآها نائمة ونظر جميلا فمضى لوجهه حتى خبر سيده وكانت ليلى رأت الغلام والصبوح معه وقد عرفت خبر جميل وبثينة فاستوقفته كأنها تسأله عن حاله وطاولته الحديث وبعثت بجارية لها وقالت حذري جميلا وبثينة فجاءت الجارية ونبهتهما فلما تبينت بثينة أن الصبح قد أضاء والناس قد انتشروا ارتاعت لذلك وقالت يا جميل نفسك قد جاء غلام بعلى بصبوح من اللبن فرآنا نائمين فقال: جميل وهو غير مكترث:
لعمرك ما خوفتني من مخافة * على ولا حذرتني موضع الحذر وأقسم ما يلقى لي اليوم عزة * وفى الكف منى صارم قاطع ذكر فأقسمت عليه أن يلقى نفسه تحت النضد وقالت إنما أسألك ذلك خوفا على نفسي من الفضيحة لا خوفا عليك ونامت وأضجعت أم الحسين إلى جانبها فجاء زوجها إلى أخيها وأبيها فعرفهما الخبر وجاءوا بأجمعهم إلى بثينة وهي نائمة فكشفوا عنها الثوب فرأوا أم الحسين إلى جانبها نائمة فخجل زوجها وسب عبده وقالت: ليلى لأبيها وأخيها قبحكما الله في كل يوم تفضحان المرأة في فنائكما ويلكما هذا لا يجوز، فقالا إنما فعل ذلك زوجها فقالت: قبحه الله وإياكما فجعلا يسبان زوجها وانصرفوا وأقام جميل تحت المنضد إلى الليل ثم ودعها وانصرف:
عن أبي القاسم علي بن أحمد الكاتب المعروف بابن كردويه قال: كان لي صديق من أهل واذان عظيم النعمة والضيعة فحدثني قال: تزوجت في شبابي امرأة من آل وهب ضخمة النعمة حسنة الخلقة والأدب كثيرة المروءة ذات جوار مغنيات فعشقتها عشقا مبرحا وتمكن لها من قلبي أمر عظيم ومكث