لها رواح فطلبها منهم ورجا أن يفعلوا به مثل ما فعل ابن جعفر بالفتى المكي فلم يفعل الطلحيون ذلك فسأل في ثمنها حتى اجتمع له فاشتراها منهم وقال عبد السلام:
وأنت فلا تعدل نوال بن جعفر * وأين لعمري من نوال بن معمري يطير لذي الجنات هذا لفضله * وقد قص هذا في الجحيم المسعر وقد كان في عصرنا ما يقارب مثل هذا وهو ما حدثني به أبو الحسن على ابن عمر الدارقطني الحافظ قال: حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد الجرجاني الفقيه الذي كنا ندرس عليه مذهب الشافعي قال: كنا ندرس على أبي إسحاق المروزي الشافعي وكان يدرس عليه معنا فتى من أهل خراسان له والد هناك يوجد إليه في كل سنة مع الحجاج قدر نمقته للسنة فاشترى جارية فوقعت في نفسه وألفته وألفها وكانت معه سنين وكان رسمه أن يستدين في كل سنة دينا بقدر ما يعجز عن نفقته فإذا جاء ما ينفذه إليه أبوه قضى دينه وأنفق الباقي مدة ثم عاد إلى الدين فلما كان سنة من السنين جاء الحجاج وليس معهم نفقة من أبيه فسألهم عن ذلك فقالوا ان أباك اعتل علة عظيمة صعبة فاشتعل بنفسه فلم يتمكن من إنفاذ شئ معنا قال: فقلق الفتى قلقا شديدا وخاف غرماؤه يطالبونه بالعادة في قضاء الدين وقت الموسم فاضطرب وأخرج الجارية إلى النخاسين فعرضها وكان الفتى ينزل بقرب منزلي ويختلف إلى مجلس الفقه ولا يكاد يفترق فباع الجارية بألف درهم وكسر لينفق منها على غرمائه قدر مالهم ويتمرر بالباقي وعند رجوعنا من النخاسين كان قلقا موجعا فلما كان الليل لم أشعر إلا وبابي يدق ففتحته فإذا بالفتى فقلت: مالك؟ فقال: قد امتنع على النوم وحشة للجارية وشوقا إليها قال: ووجدته من القلق على أمر عظيم حتى أنكرت عقله فقلت ما تشاء قال: لا أدرى وقد سهل الله على أن ترجع الجارية إلى ملكي وأبكر غدا فأقر لغرمائي بما لهم واحتبس في حبس الحاكم إلى أن يفرج الله عز وجل ويجيئني من خراسان نفقتي في العام المقبل بعد أن تكون الجارية في ملكي فقلت له: أنا أكفيك ذلك في غد إن شاء الله واعمل في رجوع الجارية إليك إذا كنت وقد وطنت نفسك على هذا قال: وبكرنا