فقال له المنصور: مالك لا تتكلم؟ فقال: " بسم الله الرحمن الرحيم، والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم " فلا شئ يا أمير المؤمنين أحسن من الانسان فقال المنصور لعيسى بن موسى:
قد فرج الله عز وجل عنك، والامر على ما قال هذا فأقم على زوجتك. وراسلها أن أطيعي زوجك فما طلقك.
عن محمد بن يونس قال لما سلمت عمل دمشق إلى أبى المغيث الرافعي سألني ان اكتب له عليه ففعلت فلما تآنست أنا وهو حدثني أول خبره في تقلده الناحية فقال لي كنت قصدت عيسى بن موسى وهو يتقلد حمص فصرفني وقلده ابن عم لي فانصرفت عنه إلى الرافقة وكان لابنة عم لي جارية نفيسة قد ربتها وعلمتها الغناء وكنت ادعوها فألفتها ووقعت في قلبي موقعا عظيما واشتد حبى لها فعملت على بيع منزلي وابتاعها وناظرت مولاتها في ذلك فحلفت إنها لا تنقص ثمنها عن ثلاثة آلاف دينار فنظرت فإذا أنا افتقر ولا تفي حالي كلها بثمنها فقامت قيامتي واشتد وجدى، وانحدرت إلى سر من رأى أطلب تصرفا أو ما به شراها وكان محمد بن إسحاق الطاهري وأبوه يوهبان لي فقصدت محمدا ومعي دواب وبقية من حالي فأقمت عليه مدة لم يسنح لي فيها تصرف فأبدت لي رقة الحال فانحدرت إلى بغداد اقصد إسحاق بن إبراهيم الطاهري فوردت في زورق وفكرت في أمرى وعلى من انزل فلم أثق بغير محمد بن الفضل الحوحوائي لمودة كانت بيني وبينه فقصدته ونزلت عليه ووقع ذلك منه أجل موقع وفاتشني عن أمرى وسألني عن حالي فذكرت له قصتي مع الجارية فقال والله لا تبرح من مجلسك حتى تقبض ثمنها وأمر خادمه فأحضر كيسا فيه ثلاثة آلاف دينار وسلمت إلى وتأبيت عليه فحلف إيمانا مؤكدة ان اقبله وقال إن اتسعت لقضائه واحتجت إليه لم امتنع من أخذه منك فأخذت الكيس وشكرته وتشاغلنا بالشرب فلما كان من الغد أتى رسول إسحاق بن إبراهيم الطاهري يطلبني فصرت إليه فاحتفى بي وأكرمني وقال ما ظننت إنك توافي بلدا أحله فتنزل غير داري فقلت والله ما وافيت إلا قاصدا إلى الأمير ولكن