التمساح إلى بعض المغارات فيودع بها الانسان الذي أخذه حيا أو ميتا بحسب الاتفاق ويتركه ويذهب فإذا جاع ولم يظفر بشئ عاد إليه فيفترسه فمرة واحد منهم قبض على امرأة وجعلها في المغار فذكرت المرأة أنها حين استقرت في المغار وانصرف التمساح رأت رجلا حيا وأثر جماعة قد افترسهم التمساح وأنها قد سألت الرجل عن أمره فذكر أن التمساح تركه هنا منذ يومين قالت وأخذ الرجل يؤنسني إلى أن طالبني بنفسي. فقلت يا هذا: اتق الله.
فقال: التمساح قد مضى ومن ساعة إلى ساعة فرج ولعله أن يحتاز بنا سفينة قبل عودته فنطرح أنفسنا إليها وننجو فوعظته، ولم يلتفت إلى كلامي واغتصبني فواقعني ولم ينزل عنى حتى جاء التمساح وأخذه من فوقى ومضى فبقيت كالميتة فزعا فإني لكذلك إذ سمعت وقع حوافر الخيل وصليل لجم وصوت أقوام كثيرين فأخرجت رأسي من الغار وصحت واستغثت فأطلع بعضهم وقالوا ما أنت. قلت حديثي طويل ارموا لي حبلا فشددت نفسي وجزبوني فصرت معهم على ظهر المغار بعد أن توهمت وانسلخ بعض جلدي فسألوني عن خبري فأخبرتهم حديث التمساح فأركبوني شيئا حتى دخلت البلد فلما كان في وقت حيضي تأخر عنى ثم ظهر الحمل فولدت ابني هذا بعد تسعة أشهر وكرهت أن أخبر الناس بالحديث فنسبته إلى التمساح.
حدثني أبو القاسم بن الأعلم العلوي الفيلسوف. قال: خرجت من بغداد أريد الكوفة فلما صرت بينها وبين حمام عمرو قرية من الكوفة أفضيت إلى أجمة هناك، وكنت قد تقدمت الرفقة وكنت راكبا حمارا وورائي بمسافة قريبة غلام مملوك لي راكبا بغلة فلما وصلنا للأجمة رأيت ممشاة دقيقة في وسط الأجمة وعليها المسلك ويوصل إليها بهبوط فرمت النزول إليها فوقف الحمار من تحتي فضربته ضربا شديدا فلم يبرح فالتفت إلى كفله أتأمل ما بقوائمه فوجدت أسدا واقفا بينه وبين كفل الحمار نحو ذراع وأقل وإذا بالحمار عندما شم رائحته أصابته رعدة عظيمة فرسخت قوائمه في الأرض ولم يتحرك فلم أشك في التلف وأن الأسد سيمد يده فيجذبني من على الحمار فغمضت عيني لئلا أرى كيفية وجودي