ابتدأت أشكره على ابراره قسمي. فقال: إن أمير المؤمنين كان أمرني بالركوب إليه في بعض مهماته فدخلت إليه وقد غلبني السهو مما فرط منى إليك حتى أنكر ذلك فقصصت على قصتي معك. فقال: أسأت بالرجل قم:
فامض إليه واعتذر مما قلته له. فقلت: أفأمضي إليه فارغ اليد. قال: فتريد ماذا؟ قلت له: تقضى دينه قال: كم هو؟ قلت ثلاثمائة ألف درهم. قال: وقع له بذلك. قلت: يرجع بعد إلى الدين. قال: وقع له بثلاثمائة أخرى. قلت:
وولاية يتشرف بها. قال: وله مصرا أو غيرها مما يشتهيها قلت: ومعونة على سفره. قال: وقع له بمائة ألف درهم. قال: وأخرج التوقيع من خفه بالولاية وبسبعمائة ألف درهم فدفعه إلى وانصرف * وذكر أبو الحسين القاضي قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن القاسم الخياط قال: كان في جيراني بالجانب الشرقي من بغداد رجل من الأتراك له رزق في الجند فتأخر رزقه في أيام المكتفى، ووزارة العباس بن الحسين. فساءت حاله، ورثت هيئته حتى لزم الجلوس عند خباز كان بالقرب منا وكان يستشفعه على جماعة يسألهم ويشفعه أيضا بأن يعطيه في كل يوم خمسة أرطال خبزا يتقوت بها هو وعياله فاجتمعت عليه للخباز شئ فضاق به صدر الخباز أن يعطيه شيئا آخر فمنعه فخرج ذات يوم فجلس وهو عظيم الهم، ثم كشف لي حديثه وقال: لقد علمت أن لابد لي من مسألة الناس، وقد عملت على مسألة كل من يشترى من الخباز أن يتصدق على وقد حملني الجوع على هذا كله، لكن لما ذكرت ما في ذلك من الذل منعتني نفسي فبينما هو على ذلك إذ جاء رجل بزي نقيب يسأل عنه فدل عليه، فوجده جالسا عند الخباز فقال له: قم. فقال: إلى أين؟ قال: إلى الديوان حتى تقبض رزقك فقد خرج لك ولصاحبك رزق شهرين، فضمي معه فلما كان بعد ساعة جاءني وقد قبض مائتين وأربعون دينارا، فرم منزله وأصلح حاله وحال عياله، وابتاع دابة وسلاحا، وخرج مع قائد كان برسمه وحسن حاله.