عسلا وسكرا وشيرجا وخبزا كثيرا وحملا مشويا وما يصلح للنساء في النفاس، ومهدا وقشوة وعطرا صالحا وشيئا من الثياب وصرت إلى منزلي وقد قربت عشاء الآخرة، فوجدت كل من فيه من النساء يدعوا على ويلعنني فقدمت الحمالين ودخلت منزلي، فانقلبت الدار وانقلب الدعاء على، فصار دعاء لي، وصار الغم سرورا، ووجدت زوجتي قد ولدت ابنا وعرفت الصبيان خبر السفتجة والميراث والرجل، وأعطيت الزوجة والقابلة من الدنانير، وأقمت الرجل عندي أياما، حتى أصلحت أمري وأمر عيالي وخلفت لهم نفقة، وأعطيت الرجل منها وأجزلت واكتريت منها حمارين لي وله واستصحبته إلى الدينور فوجدت فيه ما يخصني ما تركه ابن عمى نحو عشرة آلاف دينار. فبعت ذلك كله، وأخذت بحصتي سفائج إلى بغداد وعدت وقد فرج الله عز وجل عنى وأصلح حالي فأنا أعيش في بقية تلك الحال إلى الآن.
وذكر أبو الحسين القاضي قال: حدثني أبي عن بعض إخوانه وأحسبه أبو يوسف بن يعقوب بن ثابت قال: أملق بعض الكتاب في أيام الرشيد حتى أفضى إلى بيع دابته، ونقض داره فلم يبق فيها إلا بيت يأوى إليه هو وولده، فانقطع عن الناس وانقطعوا عنه دهرا، وكان الرشيد يولى أعمال أذربيجان وأرمينية في كل سنتين أو ثلاثا رجلا فاضلا فمرة عين رجلا هاشميا فاضلا فطلب كاتبا فارها يصطنعه وشاور فيه صديقا له من الكتاب، فوصف له هذا الرجل المتعطل، ووعده بإحضاره وصار إليه فطرق الباب عليه فوجده لما دخل إليه على حال من الفقر لا يتهيأ له معها القاء أحد فبعث إليه من منزله بخلعة من ثيابه ودابة وغلام وبخورا ودراهم، وركب معه إلى الهاشمي فلقيه بها فاستجوبه الهاشمي، فوجده بارعا في صناعته، فاستكتبه وقرر جرايته، وأمر له بمال معجل معونة له على سفره، وأمره بالقدوم على أذربيجان فعاد الرجل إلى منزله وأصلح من حاله وخلف نفقة لعياله وشخص إلى تلك البلد فلما بلغ الوالي المصروف الخبر رحل عن البلد،