فكيف كان هو يدفعه عن فرسه انصرفوا. ثم خلا سبيلي فانصرفت إلى منزلي وقد قضيت زمام الفتى وخلصت النعمة بعد الشدة وأمنت عواقب الحال وكان آخر عهدي به والسلام * سرق لجعفر بن سليمان الهاشمي جوهر بالبصرة وهو أميرها فجهد أن يعرف له خبرا فخفي عليه الفاعل فأغاظه فجاء بالشرط وضربهم فجدوا في الطلب، فلما كان بعد ذلك بشهور أتاه بعضهم برجل وجده يبيع في سفط درة فاخرة من ذلك الجوهر وقد قبض عليه وضربه ضربا عظيما إلى أن أقر فأخبر جعفر بخبره فأذن له في دخوله فلما أرى الرجل جعفر استغاث به وبكى فرحمه جعفر وقال: ألم تكن طلبت منى هذه الدرة في وقت كذا فوهبتها لك. فقال للشرط خلوا عنه واطلبوا الغريم، وروت الفرس قريبا من هذا فذكروا أن بعض ملوكهم سخط له على حاجب سخطا عظيما فألزمه بيته وكان فيه كالمحبوس وقطع عنه أرزاقه وجرايانه وأقام على ذلك سنين حتى تهتك ولم يبق له مال، ثم بلغه أن الملك قد اتخذ سماطا عظيما يحضره الناس في غد ذلك اليوم فأرسل إلى أصدقائه وأعلمهم بأن له مال ويجب أن يبعث بعض ولده ليحضره واستعار منهم دابة بسرجها ولجامها وغلاما ليسعى بين يديه وخلعة يلبسها وسيفا ومنطقة فأعير ذلك فلبسه وركب الدابة وخرج من بيته حتى جاء دار الملك، فلما رآه البوابون لم يشكوا في أنه لم يقدم على ذلك إلا بإذن الملك وتذمموا التقدم وأن يحجبوه حتى يستأذنون فدخل وهو مظهر لقوة الجأش ولم يذل حاله مع طائفة منهم يقول نفسه إلى أن وصل إلى الملك وقد أكل وهو جالس يشرب فلما رآه الملك قطب وأنكر حضوره وهم أن يأمر به وبالحجاب والبوابين فكره أن ينغص يوما قد أفرده بالسرور على نفسه وأقبل الرجل يخدم فيما كان يخدم فيه قديما فازدادت حالته تمويها على الحجاب والحاشية إلى أن كاد المجلس ينصرم وغفل أكثر من كان حاضرا فيه فتقدم إلى صينية من ذهب تزن ألف مثقال مملوءة مسكا فأخذها بخفة وجعل المسك في كمه والصينية في حقه، وخرج فركب وعاد إلى منزله ورد العواري على أهلها وباع المسك
(٢٢٨)