المتقاربة للمجلس الذي كنت أجلس فيه وقلت إن كبست فتشاغلوا عن من يطلبني لا نجو قال وكنت أدبر كيف أعمل في قلب الدولة أو استصلاح بحكم فلم يقع لي الرأي ولا أجد إلى ذلك طريقا، وكنت أوصيت بوابي أن يغلق بابى المعلوم للناس ولا يفتحه لاحد من خلق الله إلا بأمري وأجلست غلاما كان يحجبني في أيام الدولة، ومعه عشرون غلاما بسلاح خلف الباب وكان لا يفتح لاحد. فما مضى لهذا إلا يومان أو ثلاثة حتى جاءني حاجبي وقال:
قد دق الباب فقلنا من الطارق؟ قال: أنا غلام لمحمد بن ثبال البرجمان وهو وأبو بكر النقيب بالقرب منكم يستأذنون على سيدنا في الدخول فقلت في نفسي بليت والله، وأمرت الغلمان فاجتمعوا بأسرهم متسلحين في بيت له قبة كبيرة كنت جالسا في أحد أروقته وأمرتهم أن لا ينبسوا بكلمة وقلت للحاجب اصعد على السطح فانظر ما ترى؟ وأخبرني به ففعل وعاد وقلت رأيت الشارع مملوء بالخيل والرجل وقد أحاطوا من جنبات كثيرة ولما رأوني أراقبهم تنحيت فصاح بي البرجمان قائلا كلمني وما عليك بأس فأخرجت رأسي فقال:
ويحك ما جئنا لمكروه وما جئنا إلا لبشارة فعرف سيدنا بذلك فقلت ليس هو في الدار ولكن أراسله ثم أخبر الأمير أيده الله في غد برسول إلى داره فقال أنا ههنا واقف ساعة إلى أن يرى رأيه ففكرت وقلت هذه حيلة للقبض على لا شك ويجوز أن يكون بحكم قد تغير على الكوفي ولا يجد لخدمته غيري واعترضني الطمع وكاد يفسد رأيي ثم قلت للغلمان: ان قلت لكم اخرجوا فضعوا على أبى بكر النقيب والبرجمان أيديكم فاخرجوا وخذوا رأسيهما ولا تستأذنوا البتة فأجابوا فقلت احذروا أن تخالفوا فأهلك فقالوا نعم ثم قلت للحاجب اطلع السطح وقل له إني على حال من اختلال الفرش والكسوة لا أحب معهما دخول أحد إلى فإن رضيت أن تدخل أنت وأبو بكر النقيب فقط وإلا فأنا أصلح أمرى وأجئ إلى دارك الليلة قال فعاد الغلام وقال كلمته فقالوا رضينا بذلك فقلت يا فلان: اخرج واحذر أن يفتح الباب كله فتدخل الجماعة وأرى أن تقول له أن يتباعد عن الباب إلى الشارع قليلا فان ازدحم الناس وتكاثروا فهي حيلة فدعهم يدخلون وصح يا هذا فاعلم أنا أنها حيلة