مع غلام أسميته له وكنت به واثقا ويأمر بالقيام بواسط والمكاتبة على الطيور في كل يوم بالاخبار ورسمت للعجوز أن لا تعرف الوكيل موضعي لئلا يفشوا شئ من الامر ويقع الوكيل فيطالب بي فيدل على فعاد إلى الجواب بما عنده من الاخبار وانه لا ينقضى يوم إلا وينفذ الغلام والطيور وأمهلته عشرة أيام ثم رددت العجوز فانفذ على يدها كتابا ورد على الطيور فقرأته ومضت على ذلك مدة وأنا على الغاية من النشاط والسرور فقلت للعجوز يوما امض إلى فلان فاعرفي خبره وهل ورد كتاب من واسط فمضت وللاتفاق سقط طائر عند دخولها بكتاب ففضه وسلمه إليها دون أن يقف عليه فجاءتني به فإذا هو بتاريخ يومه وأكثره رطب يذكر فيه غلامي ورود الاخبار إلى واسط بقتل الأكراد ليحكم وان الناس قد هاجوا فما نالت رجلاي الأرض فرحا وسرورا وكتبت في الحال رقعة إلى كاتبه الكوفي اشكره فيها على جميله واعرفه انى ما طويت خبري عنه إلى الآن الا اشفاقا عليه من أن يسأل عنى فيكون متى حلف أنه لا يعرف خبري صادقا وان من حق ما عاملني به أن أعرفه ما يجب أن يتحرز عنه وذكرت ما ورد من قتل سيده وأشير عليه بالاستتار مع الاستظهار وأنفذت الرقعة في طي رقعة كتبتها لوكيلي وأمرته أن يمضى بها إليه في الحال ولا يسلمها الا بيده وقلت للعجوز: إذا مضى الوكيل فارجعي أنت ولا تقعدي في داره ففعلت وعادت فعرفتني أن الوكيل قد توجه إلى الكوفي، فلما كان بين العشائين رددت العجوز إلى الوكيل وقلت لها: اطرقي بابه فإن كان في بيته على حال سلامة فادخلي، وان بان لك أنه معتقل أو داره موكل بها فانصرفي ولا تدخلي فعادت إلى رقعة الوكيل وفيها أنه حين أوصل الرقعة إلى الكوفي بان له في وجهه الاضطراب وأنه ما صلى العصر من ذلك اليوم حتى امتلأ في البلد بأن الكوفي قد استتر وأن بحكم حدث به حادثة لا ندري ما هي، وقد عدت بعد العصر إلى دار الكوفي فوجدتها مغلقة ليس فيها أحد وأنه قد أنفذ جوابه إليك فقرأته فإذا هو يشكرني ويقول قد علمت أن مثلك يا سيدي لم يكن ليفتعل هذا الخبر ولا يضيع مروءته وقد تشاغل الذين مع الأمير بالهرب على أن يكتبوا
(٣٦٨)