لك الحمد، وصارت عادته يقولها في حشو كلامه، وكان يقال: إنه مجاب الدعوة فقيل له: إن الناس يقولون إنك رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامك فمسح يده عليك فبرأت. فقال: ما كان لعافيني سبب غير ما عرفتك.
حدثني محمد بن علي الخلال البصري أحد أبناء القضاة، قال: حدثني بعض الأطباء الثقاة أن غلاما من بغداد كان عليلا فقدم الري وهو ينفث الدم، وكان قد لحقه ذلك وهو في طريقه فاستدعى أبا بكر الرازي الطبيب المشهور بالحذق صاحب الكتب المصنفة فأراه ما ينفث، ووصف له الحال. فأخذ الرازي مجلسه، ورأي قارورته، واستوصف حاله منذ ابتدأت العلة به فلم يقم له دليل على سل ولا قرحة ولم يعرف العلة فاستنظر الرجل ليفكر في الامر فقامت على العليل القيامة، وقال: هذا يأس لي من الحياة لحذق الطبيب وجهله بالعلة فازداد ما به وولد الفكر للرازي أن عاد إليه وسأله عن المياه التي شربها في طريقه فأخبره أنه شرب من مستنقعات وصهاريج فقام في نفس الرازي بحدة الخاطر وجودة الذهن أن علقة كانت في الماء وقد حصلت في معدته، وأن ذلك النفث للدم من فعلها وقال له: إذا كان في غد جئتك فعالجتك، ولم أنصرف حتى تبرأ ولكن بشرط أن تأمر غلمانك أن يطيعوني فيما آمرهم به فيك. قال: نعم. وانصرف الرازي وتقدم وجمع له ملا مركنين من طحلب فأحضرهما في غد معه، وأراه إياهما وقال له: ابلع جميع ما في هذين المركنين فبلع الرجل منه شيئا كثيرا. ثم قال: ليس يمكنني بلع شئ آخر أكثر منه. فقال له ابلع. فقال: لا أستطيع. فقال للغلمان خذوه ففعلوا ذلك به وطرحوه على قفاه، وفتحوا فاه، وأقبل الرازي يدس الطحلب في حلقه ويكبسه كبسا شديدا، ويطالبه ببلعه شاء أو أبى ويتهدده بالضرب إلى أن أبلعه كارها أحد المركنين بأسره، والرجل يستغيث ولا ينفع مع الرازي شئ إلى أن قال العليل: الساعة اقذف فزاد الرازي فيما يكبسه في حلقه فذرعه القئ فقذف فتأمل الرازي قذفه فإذا فيه علقة، وإذا هي