حتى أتاني غلام لأبي العتاهية قد بعث به مولاه، وكتب في راحته شيئا أرانيه فإذا هو:
هي الأيام والعبر * وأمر الله ينتظر أتيأس أن ترى فرجا * فأين الله والقدر فوثقت بالله، وقويت نفسي. ثم سمعت واعية لا أفهم معناها فإذا الفضل بن الربيع قد أقبل إلى فقال: حلوا أبا حامد ليس هذا يكفيني فحللت ودعا لي بخلع فجعلت على ثم قال: أعظم الله أجرك في أمير المؤمنين وأخذ بيدي، وأدخلني بيتا فإذا الرشيد مسجى فيه، وكشفت عن وجهه فلما رأيته ميتا سكنت. فقال: هيه هات الكتب الباطنة التي معك، وكنت اتخذت صندوقا للمطبخ قد ثقبت قوائمه وجعلت الكتب فيها، وجعلت الجلد فوقها، فشق الجلد وكسرت القوائم وسلمت الكتب إلى أصحابها، وأخذت الأجوبة وانصرفت * قال مؤلف هذا الكتاب: وقد أتى أبو الحسين القاضي في كتابه بهذين البيتين لأبي العتاهية، ولم يذكر القصة وزاد بين البيت الأول والبيت الثاني بيتا، وهو هذا:
فلا تجزع وإن عظم البلاء * ومسك الضر حدثني إبراهيم بن علي النصيبي المتكلم قال: جماعة من أهل نصيبين: إنه كان بها أخوين ورثا عن أبيهما مالا جليلا، فاقتسماه فأسرع أحدهما في انفاق حصته فلم يبق له شئ حيت احتاج إلى ما في أيدي الناس، وثمر الآخر حصته فزادت وعرض له سفر في تجارته. فجاءه أخوه الفقير فقال يا أخي: إنك تحتاج إلى أن تستأجر غلاما في سفرك، وأنا أحتاج أن أخدم الناس فاجعلني بدل غلام تستأجره، فيكون ذلك أصون لي ولك. فلم يشك الأخ أن أخاه قد تأدب، وأن هذا أول إقباله، وآثر أن يصون أخاه، ورق عليه فأخذه معه. فكان للأخ الغنى حمار يركبه، وقد استأجر بغالا لأحماله فركب أخوه أحدها والمكاري أحدها، وساروا فلما استتم بهم السفر حصلوا في جبل في الطريق فيه عين ماء فقال الأخ الفقير للأخ الغنى لو نزلت هاهنا وأرحنا دوابنا وسقيناها من هذا الماء وأكلنا ثم ركبنا. فقال: افعل فنزل التاجر