بعينه وقال أتعرف هذا؟ فحين رأيته شهقت وأغمي علي فما أفقت إلا بعد ساعة ثم قلت له يا هذا؟ أملك أنت أم بنى؟ فقال أنا ممتحن بحفظه منذ كذا وكذا سنة. فلما سمعتك تلك الليلة تقول ما قلته وطالبتك بالعلامة فأعطيتها أردت أن أعطيك للوقت هميانك فخفت أن تنشق مرارتك فأعطيتك تلك الدنانير التي أوهمتك أنها هبة وإنما أعطيتكها من هميانك. والدنانير المائتان قرض فخذ هميانك واجعلني في حل. قال فشكرته ودعوت له وأخذت الهميان وارتجع دنانيره ورجعت إلى بلدي فبعث الجوهر وضممت ثمنه إلى ما معي واتجرت فما مضت إلا سنيات حتى صرت صاحب عشرة آلاف دينار وصلحت حالي فأنا أعيش في فضل الله تعالى وفى فضل تلك الدنانير إلى الآن.
عن أبي سهل زياد القطان صاحب علي بن عيسى قال: كنت مع علي بن عيسى لما نفى إلى مكة ودخلنا في حر شديد وقد كدنا أن نتلف، وطاف علي بن عيسى وجاء فالقى نفسه وهو كالميت من الحر والتعب وقلق قلقا شديدا وقال اشتهى على الله تعالى شربة ماء مثلوج. فقلت له يا سيدنا أيدك الله:
أنت تعلم أن هذا مما لا يوجد في هذا المكان. فقال هو كما قلت، ولكن نفسي ضاقت عن ستر هذا القول، فاستروحت إلى المنى. قال فخرجت من عنده فرجعت إلى المسجد الحرام فما استقررت فيه حتى نشأت سحابة وكثفت وبرقت ورعدت رعدا متصلا شديدا ثم جاءت بمطر يسير وبرد كثير فبادرت إلى الغلمان فقلت اجمعوا فجمعوا منه شيئا كثيرا وملأنا منه جررا كثيرة، وجمع منه أهل مكة شيئا عظيما قال: وكان علي بن عيسى صائما فلما كان وقت المغرب خرج إلى المسجد ليصلى المغرب فقلت له أنت والله مقبل والنكبة زائلة، وهذه علامات الاقبال فاشرب الثلج كما طلبته. (قال):
وجئته في المسجد بأقداح مملوءة بأصناف الأسوقة والأشربة مكبوسة بالبرد قال: فأقبل يسقى من يقرب منه من الصوفية، والمجاورين، في المسجد الحرام، والضعفاء ويشربونه ونحن نأتيه بما عندنا من ذلك وأقول له اشرب. فيقول:
حتى تشرب الناس فخبئت له خمسة أرطال وقلت له لم يبق شئ. فقال الحمد لله