وقال جسوه. فقالوا: قد زاد نبضه، فضربه عشرا أخرى فتأوه فضربه عشرا أخرى فصاح فقطع عنه الضرب فجلس العليل يجس بدنه ويتأوه وقد ثابت قوته إليه. فقال له ما تجد؟ قال: أنا جائع. فقال: أطعموه الساعة، فجاؤه بما يأكل فرجعت قوته إليه وقمنا وقد برئ. فقال له الأطباء: من أين لك هذا.
قال كنت مسافرا في قافلة فيها اعراب يخفروننا فسقط منهم فارس عن فرسه فأسكت فعمد إليه شيخ منهم فضربه ضربا عظيما فما رفع عنه الضرب حتى أفاق، فعلمت أن الضرب جلب إليه الحرارة وأزالت سكتته فقست عليه أمر هذا العليل.
حدثني بعض المتطببين بالبصرة قال: حدثني أبو منصور بن مارمة كاتب أبى مقاتل صالح بن مدركة الكلابي أمير دجلة. وكان أبو منصور من رؤساء أهل البصرة الذين يضرب المثل بنعمتهم وترفههم. وكان ثقة أديبا قد شاهدته أنا ولم أسمع منه هذه الحكاية. قال: أخبرني شيوخنا. قال: كان بعض أهلنا قد استسقى فآيس من حياته فحمل إلى بغداد فشور الأطباء فيه فوصفوا له أدوية كبارا فعرفوا أنه قد تناولها بأسرها فلم تنجع وآيسوا منه، وقالوا لا حيلة في برئه. قال: فسمع العليل. فقال لمن كان معه: دعوني الآن أتزود من الدنيا وآكل ما أشتهي ولا تقتلوني بالحمية. فقالوا: كل ما تريد فمهما رآه مما يجتاز به على الطريق اشتراه وأكله ولم يلتفت إلى ضره ونفعه فمر به رجل يبيع جرادا مطبوخا فأجلسه واشترى منه عشرة أرطال وأكلها بأسرها، فلما كان بعد ساعة انحل طبعه وتواتر قيامه حتى قام في ثلاثة أيام أكثر من ثلاثمائة مجلس وضعف وكاد يتلف وآيس منه، ثم قطع القيام وقد زال كل ما كان في جوفه وعادت بطنه إلى حالها في الصحة وثابت إليه قوته وبرأ فخرج برجليه في اليوم الخامس يتصرف في حوائجه فرآه أحد الأطباء فعجب من أمره فسأله عن الخبر. فعرفه. فقال: ليس من شأن الجراد أن يفعل هذا ولابد من أن يكون في الجراد الذي فعل هذا خاصية فأحب أن تدلني على