المثل، ففكرت كيف أعمل؟ فوقع لي أن أكتب إلى محبرة بن أبي عباد الكاتب وكنت أجاوره، وكان قد ترك التصرف قبل ذلك بسنين ولزم بيته وحالفه النقرس فأزمنه حتى صار لا يتمكن من التصرف إلا محمولا على الأيدي أو المحفة، وكان مع ذلك على غاية الظرف، وكبر النفس، وعظم النعمة، ومواصلة الشرب وان أتطايب عليه ليدعوني فآخذ منه ما أنفقه مدة فكتبت إليه:
ماذا ترى في جدي * وفى عضبا وبوارد ومشمع ليس يخطى * من نسل يحيى بن خالد وقهوة ذات لون * تحكى خدود الجرائد قال: فما شعرت إلا بمحفة محبرة تحملها غلمانه إلى داري وأنا جالس على بابى فقلت له: لم جئت ومن دعاك؟ قال: أنت. قلت: إنما قلت ما ترى وعنيت بيتك وما قلت لك أنه في بيتي، وبيتي والله أفرغ من فؤاد أم موسى. فقال:
الآن قد جئت ولا أرجع، ولكن ادخل إليك واستدعى من داري من أريد، قلت: ذاك إليك فدخل بيت فلم ير إلا بارية. فقال يا أبا الحسن: هذا والله ضر مدقع، ثم أنفذ إلى داره فاستدعى فرشا وآلة وقماشا وغلمانا وجاء فراشوه ففرشوا ذلك، وجاؤا بالآلات الصفر والشمع وغير ذلك مما يحتاج إليه، وجاء طباخه بما كان في مطبخه وهو شئ كثير الآلات وجاء شرابيه بالصواني، والمخروطي، والفاكهة وآلة التبخير، والبخور، وألوان الأنبذة وجلس يومه ذلك وليلته عندي. فشرب على غناء مغنية أحضرتها له كنت ألفتها. فلما كان من غد سلم إلى غلامه كيسا فيه ألف درهم، ورزمة ثياب صحاح مفصلة من فاخر الثياب، واستدعى محفته فجلس فيها فشيعته فلما بلغ آخر الصحن قال: مكانك يا أبا الحسن احفظ بابك، فكل ما في دارك لك، فلا تدع أحدا يحمل منه شيئا. وقال لغلمانه اخرجوا فخرجوا بين يديه وأغلقت الباب على قماش بألوف كثيرة * وحدثني عبد الله بن محمد بن عبد الله العبقسي، قال: حدثني بعض تجار أهل الكرخ ببغداد عن صديق له قال: كنت أعامل رجلا من الخراسانية أبيع له في كل سنة متاعا يقدم به فانتفع من سمسرته