ودخل الكاتب بغداد، وقد حصل الهاشمي صاحبه وأخبره الخبر فحمد ربه وأمضى عقده في المصاهرة فصار الكاتب من أرباب الأحوال وعاد إلى أفضل ما كان عليه قبل محنته * وذكر القاضي أبو الحسين في كتابه قال:
حدثتني جدتي أم أبى قالت: كان زوجي يعقوب بن علي قد نهض إلى مصر وتصرف بها وعمل وتعطل وأقام هناك وأضقنا إضاقة شديدة وعرضنا بيع ضيعة لنا فلم نجد لها ثمنا، وتأخر كتابه عنا وانقطع خبره حتى توهمنا أن حادثا حدث عليه، وكان أولاده صغارا فكنت أحتال وأنفق عليهم حتى لم يبق لي في المنزل شئ وحضر وقت عمارة الضيعة فاحتجنا إلى بزر ونفقة فتعذر ذلك علينا حتى كدنا أن نتعطل ويفوت وقت الزراعة فأصبحت يوما وبي من الغم من اجتماع هذه الأحوال أمر عظيم ووجهت إلى بعض من كنت أثق به وأتوهم أنى لو سألته اسعافنا بالكثير من ماله أن لا يخالفنا لأقترض منه شيئا لذلك. فرد رسولي واعتذر وعرفني الرسول أنه قال: إذا بعثت لهم ما طلبوا والضيعة لم تعمر ولم يحصل لهم غلة وزوجها لم يعرف له خبر فمن أين تردون على المال؟ قال: فكدت أموت غما وامتنعت من الطعام يومى وليلتي فأصبحت فما انتصف النهار حتى ورد على كتاب زوجي بسلامته، وذكر السبب في تأخر كتابه وبسفنجة أنفذها طي كتابه بمائتي دينار، وذكر ثيابا أنفذها مع آخر من أهل البصرة مبلغها خمسون دينارا فعمرنا الضيعة وزرعت في تلك السنة وحسنت حالي.
وذكر القاضي أبو الحسين في كتابه أيضا قال: روى أن سعيد بن العاص قدم الكوفة عاملا لعثمان بن عفان وكان يتعشى عنده من القراء رجل قد ساءت حاله فقالت له امرأته ويحك قد بلغنا عن أميرنا هذا كرم فاذكر له حالك فلعله أن ينيلنا شيئا فلم يبق للصبر فينا بقية فقال: ويحك لا تخلقي وجهي فقالت: فاذكر له ما نحن فيه على كل حال فلما كان بالعشاء أكل عنده ولما انصرف الناس ولم يقم الرجل فقال له سعيد: أظن جلوسك لحاجة فاذكرها فخجل